والرابع : أن تكون «أو» بمعنى الواو.
قال تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف : ٤] أي : وهم قائلون (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] أي : ويزيدون ، وقوله : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] وقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) [النساء : ٤٣] معناه وجاء أحد منكم من الغائط ، وأنتم مرضى أو مسافرون.
قال ابن الخطيب (١) : فإذا تأمّلت هذا القول ، علمت أنّه متكلف ، بل خطأ قطعا ، والفرض في اللغة : التقدير ، أي : تقدّروا لهن شيئا.
قوله : «فريضة» فيه وجهان :
أظهرهما : أنه مفعول به ، وهي بمعنى مفعولة ، أي : إلّا أن تفرضوا لهنّ شيئا مفروضا.
والثاني : أن تكون منصوبة على المصدر بمعنى فرضا ، واستجود أبو البقاء (٢) الوجه الأول ؛ قال : «وأن يكون مفعولا به ، وهو الجيّد» والموصوف محذوف ، تقديره : متعة مفروضة.
فصل في سبب النزول
هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة ولم يسمّ لها مهرا ، ثم طلّقها قبل أن يمسّها ؛ فنزلت هذه الآية ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «متّعها ولو بقلنسوتك» (٣).
قوله : «ومتّعوهنّ» : قال أبو البقاء (٤) : «ومتّعوهنّ» معطوف على فعل محذوف ، تقديره : «فطلّقوهنّ ومتّعوهنّ» ، وهذا لا حاجة إليه ؛ فإنّ الضمير المنصوب في «متّعوهنّ» عائد على المطلّقات قبل المسيس ، وقبل الفرض ، المذكورين في قوله : (إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ...) إلى آخرها.
فإن قيل : ظاهر الآية مشعر بأن نفي الجناح عن المطلق مشروط بعدم المسيس ، وليس كذلك ، فإنّه لا جناح عليه ـ أيضا ـ بعد المسيس.
فالجواب من وجوه :
الأول : أنّ الآية دالة على إباحة الطلاق قبل المسيس مطلقا في زمان الحيض ،
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١١٨.
(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٩.
(٣) انظر : تفسير القرطبي «الجامع لأحكام القرآن» (٣ / ٢٠٢).
(٤) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٩.