غير المدخول بها ؛ فقال : (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب : ٤٩].
القسم الرابع : المطلقة بعد الدّخول ، ولم يكن فرض لها ، وحكم هذا القسم ، مذكور في قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [النساء : ٢٤].
والقياس أيضا يدلّ عليه ، فإنّ الأمّة مجمعة على أن الموطوءة بشبهة لها مهر المثل ، والموطوءة بنكاح صحيح ، أولى بهذا الحكم.
فصل
تمسك (١) بعضهم بهذه الآية على أنّ جمع الثلاثة ليس بحرام ، قالوا : لأن قوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) يتناول جميع أنواع التطليق بدليل أنّه يصحّ استثناء الثلاث منها ، فيقال : لا جناح عليكم إن طلّقتم النساء إلّا إذا طلّقتموهنّ بثلاث تطليقات فإنّ عليكم الجناح ، وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ، وعلى هذا فتتناول هذه الآية جميع أنواع التطليق مفردا أو مجموعا.
قال ابن الخطيب (٢) : وهذا الاستدلال ضعيف ؛ لأن الآية دالّة على تحصيل هذه الماهيّة في الوجود ، ويكفي في العمل بها إدخاله في الوجود مرّة واحدة ، ولهذا قلنا : إنّ الأمر المطلق لا يفيد التكرار ، كما إذا قال لامرأته : إن دخلت الدار ، فأنت طالق ، فإن اليمين انعقدت على المرّة الواحدة فقط ، فثبت أنّ هذا اللفظ لا يتناول حالة الجمع ، وأمّا الاستثناء فإنّه يشكل بالأمر ، لأنّه لا يفيد التكرار بالاتفاق من المحقّقين ، مع أنّه يصحّ أن يقال : صلّ إلّا في الوقت الفلانيّ.
فصل في جواز عقد النكاح بغير مهر
قال بعض العلماء (٣)(٤) : دلّت هذه الآية على أنّ عقد النكاح بغير المهر جائز.
وقال القاضي (٥) : لا تدلّ على الجواز ، لكنها تدلّ على الصّحة ، فإنّه لو لم يكن صحيحا ، لم يكن الطلاق مشروعا ، ولم تلزم المتعة ، ولا يلزم من الصّحة الجواز ، بدليل أنّ الطلاق في زمن الحيض حرام وإذا أوقعه صحّ.
فصل
بيّن في هذه الآية أن المطلقة قبل الدخول والفرض ، لها المتعة ، وقد تقدّم تفسير
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١١٦.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١١٨.
(٤) هو أبو بكر الأصم والزجاج.
(٥) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١١٨.