«المتعة» في قوله : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ) [البقرة : ١٩٦].
واعلم أنّ المطلّقة قبل الدخول ، إن كان قد فرض لها ، فلا متعة لها في قول الأكثرين ؛ لأن الله تعالى أوجب في حقّها نصف المهر ، ولم يذكر المتعة ، ولو كانت واجبة ، لذكرها. وإن لم يكن فرض لها فلها المتعة ؛ لهذه الآية.
قال القرطبي : من جهل المتعة حتّى مضت أعوام ، فليدفع ذلك إليها ، وإن تزوّجت ، وإلى ورثتها إن ماتت ، رواه ابن المواز ، عن ابن القاسم.
وقال أصبغ : لا شيء عليه ، إن ماتت ؛ لأنها تسلية للزوجة عن الطّلاق ، وقد فات ذلك.
ووجه الأول : أنه حقّ ثبت عليه ، فينتقل إلى ورثتها ، كسائر الحقوق.
واختلفوا في المطلّقة بعد الدّخول ، فذهب جماعة : إلى أنه لا متعة لها ؛ لأنها تستحق المهر ، وهو قول أصحاب الرأي. وذهب جماعة : إلى أنّ لها المتعة ؛ لقوله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة : ٢٤١] ، وهو قول عبد الله بن عمر ، وبه قال عطاء ، ومجاهد ، والقاسم بن محمد ، وإليه ذهب الشافعيّ قال : لأنها تستحقّ المهر بمقابلة إتلاف منفعة البضع ، ولها المتعة على وحشة الفراق.
وقال الزّهريّ (١) : متعتان يقضي بإحداهما السلطان ، وهي المطلقة قبل الفرض ، والمسيس ، وهي قوله : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) ومتعة تلزمه فيما بينه وبين الله تعالى لا يقضي بها السلطان وهي المطلقة بعد الفرض والمسيس وهي قوله : (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ).
وذهب الحسن ، وسعيد بن جبير (٢) : إلى أنّ لكل مطلقة متعة ، سواء كان قبل الفرض ، والمسيس ، أو بعده ؛ كقوله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) ؛ ولقوله في سورة الأحزاب : (فَمَتِّعُوهُنَ) [الأحزاب : ٤٩] وقال الآخر : المتعة غير واجبة ، والأمر بها أمر ندب ، واستحباب.
روي أنّ رجلا طلّق امرأته ، وقد دخل بها ؛ فخاصمته إلى شريح في المتعة ؛ فقال شريح : لا تأب أن تكون من المحسنين ، ولا تأب أن تكون من المتّقين ، ولم يجبره على ذلك (٣).
فصل في بيان مقدار المتعة
اختلفوا في قدر المتعة ، فروي عن ابن عباس : أعلاها خادم ، وأوسطها ثلاثة
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢١٨.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢١٨.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : المصدر السابق.