عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة : ٢٣٦] قال رجل من المسلمين : إن أردت ؛ فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل فقال الله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) جعل المتعة لهن بلام الملك ، وقال : (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) يعني المؤمنين المتّقين الشّرك.
وقيل : المراد بهذه المتعة : النّفقة ، والنّفقة قد تسمّى متاعا ، فاندفع التّكرار.
واعلم أنّ القائل بوجوب المتعة لكلّ المطلقات : هو سعيد بن جبير ، وأبو العالية والزّهريّ(١).
وقال الشّافعيّ : لكلّ مطلقة إلّا المطلقة التي فرض لها المهر ، ولم يوجد في حقّها المسيس.
قال أبو حنيفة : لا تجب المتعة إلّا للمطلّقة التي لم يفرض لها ، ولم يوجد المسيس.
وقول الله تعالى في زوجات النبي صلىاللهعليهوسلم : (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) [الأحزاب : ٢٨] محمول على أنّه تطوّع من النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لا على سبيل الوجوب.
وقوله : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَ) [الأحزاب : ٤٩] محمول على غير المفروض لها أيضا.
قال القرطبيّ (٢) : وأوجب الشّافعيّ المتعة للمختلعة ، والمبارئة. وقال أصحاب مالك : كيف يكون للمفتدية متعة وهي تعطى ، فكيف تأخذ متاعا ، لا متعة لمختارة الفراق من مختلعة ، أو مفتدية ، أو مبارئة ، أو مصالحة ، أو ملاعنة ، أو معتقة تختار الفراق ، دخل بها أم لا ، سمى لها صداقا أم لا ؛ وقد تقدّم ذلك ، ثم قال : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ)(٢٤٣)
اعلم أنّ عادته تعالى : أن يذكر القصص بعد بيان الأحكام ليفيد الاعتبار للسّامع.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) : هذه همزة الاستفهام دخلت على حرف النّفي ، فصيّرت النّفي تقريرا ، وكذا كلّ استفهام دخل على نفي نحو : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح : ١] (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦] فيمكن أن يكون المخاطب علم هذه القصّة قبل نزول هذه الآية ، فيكون التّقرير ظاهرا ، أي : قد رأيت حال هؤلاء ، كقول
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١٣٧.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٥٠.