قال الزّجّاج (١) : هو حقيقة ، واستدلّ بما ذكرناه ، وقيل : مجاز ، لأنّ القرض : هو أن يعطي الإنسان ليرجع إليه مثله وهنا إنّما ينفق ليرجع إليه بدله ، و «القرض» بالكسر ـ لغة فيه حكاها الكسائيّ ، نقله القرطبي (٢).
قوله : «أضعافا» فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنّه حال من الهاء في «فيضاعف» ، وهل هذه حال مؤكّدة أو مبيّنة ، الظّاهر أنها مبيّنة ؛ لأنّها وإن كانت من لفظ العامل ، إلّا أنّها اختصّت بوصفها بشيء آخر ، ففهم منها ما لا يفهم من عاملها ، وهذا شأن المبيّنة.
والثاني : أنه مفعول به على تضمين «يضاعف» معنى يصيّر ، [أي : يصيّره] بالمضاعفة أضعافا.
الثالث : أنه منصوب على المصدر.
قال أبو حيان : [قيل] ويجوز أن ينتصب على المصدر باعتبار أن يطلق الضّعف ـ وهو المضاعف ، أو المضعّف ـ بمعنى المضاعفة ، أو التضعيف ، كما أطلق العطاء ، وهو اسم المعطى بمعنى الإعطاء. وجمع لاختلاف جهات التضعيف باعتبار اختلاف الأشخاص ، واختلاف المقرض واختلاف أنواع الجزاء. وسبقه إلى هذا أبو البقاء (٣) ، وهذه عبارته ، وأنشد : [الوافر]
١١٥٧ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٤) |
والأضعاف جمع «ضعف» ، والضّعف مثل قدرين متساويين. وقيل : مثل الشّيء في المقدار. ويقال : ضعف الشّيء : مثله ثلاث مرات ، إلّا أنه إذا قيل «ضعفان» ، فقد يطلق على الاثنين المثلين في القدر من حيث إنّ كلّ واحد يضعّف الآخر ، كما يقال زوجان ، من حيث إنّ كلا منهما زوج للآخر.
فصل
لما أمر الله تعالى بالجهاد ، والقتال على الحقّ ؛ إذ ليس شيء من الشّريعة ، إلّا ويجوز القتال عليه وعنه ، وأعظمها دين الإسلام ، حرّض تعالى على الإنفاق في ذلك ؛ فدخل في ذلك : المقاتل في سبيل الله ، فإنّه يقرض رجاء الثّواب ، كما فعل عثمان ـ رضي الله عنه ـ في جيش العسرة.
فصل
اختلف المفسّرون (٥) في هذه الآية على قولين :
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١٤٢.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٥٦.
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٢.
(٤) تقدم برقم ٣٣٩.
(٥) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١٤١.