كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢٥٧)
«الوليّ» فعيل بمعنى : فاعل من قولهم : ولي فلان الشّيء يليه ولاية ، فهو وال وولى ، وأصله من الولي الّذي هو القرب ؛ قال الهذليّ : [الكامل]
١١٨٨ ـ .......... |
|
وعدت عواد دون وليك تشعب (١) |
ومنه يقال داري تلي دارها ، أي : تقرب منها ومنه يقال للمحبّ المقارب ولي ؛ لأنّه يقرب منك بالمحبّة والنّصرة ، ولا يفارقك ، ومنه الوالي ؛ لأنّه يلي القوم بالتّدبير والأمر والنّهي ، ومنه المولى ، ومن ثمّ قالوا في خلاف الولاية : العداوة من عدا الشّيء : إذا جاوزه ، فلأجل هذا كانت العداوة خلاف الولاية ومعنى قوله تبارك وتعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) ، أي : ناصرهم ومعينهم ، وقيل : محبهم.
وقيل : متولي أمورهم لا يكلهم إلى غيره.
وقال الحسن : ولي هدايتهم.
قوله : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ، أي : من الكفر إلى الإيمان.
قال الواقدي (٢) : كلّ ما في القرآن من الظلمات ، والنور فالمراد منه : الكفر والإيمان غير التي في سورة الأنعام (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام : ١] فالمراد منه اللّيل والنّهار ، سمي الكفر ظلمة لالتباس طريقه ، وسمي الإسلام نورا ، لوضوح طريقه.
وقال أبو العبّاس المقرئ «الظّلمات» على خمسة أوجه :
الأول : «الظّلمات» الكفر كهذه الآية الكريمة.
الثاني : ظلمة اللّيل قال تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) يعني اللّيل والنهار.
الثالث : الظّلمات ظلمات البر والبحر والأهوال قال تعالى : (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي من أهوالهما.
الرابع «الظّلمات» بطون الأمّهات ، قال تعالى : (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) [الزمر : ٦] يعني المشيمة والرحم والبطن.
الخامس : بطن الحوت قال تعالى : (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) [الأنبياء : ٢١] أي في بطن الحوت.
__________________
(١) عجز بيت لساعدة بن جؤية وصدره :
هجرت غضوب وحب من يتغضب
ينظر ديوان الهذليين ١ / ١٦٧ ، الأشباه والنظائر ٦ / ٢١ ، ولسان العرب (شعب) ، خزانة الأدب ٩ / ٤٢٩ ، شرح المفصل (١٣٨) ، تذكرة النحاة ص ٥٩٩.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢٤١.