[تبارك : ٢٨] أسكن الياء فيهن حمزة ؛ وافق ابن عامر والكسائي في (لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) وابن عامر في «آياتي الّذين» ، وفتحها الآخرون.
فصل
استدلّ إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام على إثبات الإله بالإحياء والإماتة ، وهو دليل في غاية القوّة لأنّه لا سبيل إلى معرفة الله تعالى إلّا بواسطة أفعاله التي لا يشاركه فيها أحد من القادرين ، والإحياء والإماتة كذلك ؛ لأنّ الخلق عاجزون عنهما والعلم بعد الاختيار ضروري ، وهذا الدّليل ذكره الله تعالى في مواضع من كتابه كقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [المؤمنون : ١٢] إلى آخرها وقوله : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) [التين : ٤ ، ٥] وقال : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) [الملك : ٢].
فإن قيل : لم قدّم هنا ذكر الحياة على الموت في قوله (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) ، وقدّم الموت على الحياة في آيات كقوله (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [البقرة : ٢٨] وقال (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) [الملك : ٢] ، وحكى عن إبراهيم ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ قوله في ثنائه على الله تعالى (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) [الشعراء : ٨١].
فالجواب : أنّ الدّليل إذا كان المقصود منه الدّعوة إلى الله ـ تعالى ـ يجب أن يكون في غاية الوضوح ، ولا شكّ أنّ عجائب الخلقة حال الحياة أكثر ، واطلاع الإنسان عليها أتم ، فلا جرم قدّم ذكر الحياة هنا.
(قالَ أَنَا أُحْيِي) مبتدأ ، وخبر منصوب المحلّ بالقول أيضا. وأخبر عن «أنا» بالجملة الفعلية ، وعن «ربّي» بالموصول بها ؛ لأنّه في الإخبار بالموصول يفيد الاختصاص بالمخبر عنه بخلاف الثاني ، فإنّه لم يدّع لنفسه الخسيسة الخصوصية بذلك.
و «أنا» : ضمير مرفوع منفصل ، والاسم منه «أن» والألف زائدة ؛ لبيان الحركة في الوقف ، ولذلك حذفت وصلا ، ومن العرب من يثبتها مطلقا ، فقيل : أجري الوصل مجرى الوقف ؛ قال القائل في ذلك : [المتقارب]
١١٨٩ ـ وكيف أنا وانتحالي القوا |
|
في بعد المشيب كفى ذاك عارا (١) |
وقال آخر : [الوافر]
١١٩٠ ـ أنا سيف العشيرة فاعرفوني |
|
حميدا قد تذرّيت السّناما (٢) |
__________________
(١) ينظر ديوان الأعشى (٥٣) ، المفصل لابن يعيش ٤ / ٤٥ ، رصف المباني (١٤) ، تخليص الشواهد ص ١٠٣ ، الحماسة للمرزوقي ص ٧٠٩ ، شرح شواهد الإيضاح ص ٢٧٣ ، المقرب ٢ / ٣٥ ، الدر المصون ١ / ٦٢٠.
(٢) البيت لحميد بن ثور ينظر ديوانه ص ١٣٣ ، وأساس البلاغة ص ١٤٣ (ذري) ، وشرح شواهد الشافية ـ