الثالث : أنّ الكاف زائدة ؛ كهي في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، وقول الآخر : [السريع أو الرجز]
١١٩٦ ـ فصيّروا مثل كعصف مأكول (١)
والتقدير : ألم تر إلى الذي حاجّ ، أو إلى الذي مرّ على قرية. وفيه ضعف ؛ لأنّ الأصل عدم الزيادة.
والرابع : أنّ الكاف اسم بمعنى مثل ، لا حرف ؛ وهو مذهب الأخفش (٢). قال شهاب الدّين : وهو الصحيح من جهة الدليل ، وإن كان جمهور البصريين على خلافه ، فالتقدير : ألم تر إلى الذي حاجّ ، أو إلى مثل الذي مرّ ، وهو معنى حسن. وللقول باسمية الكاف دلائل مذكورة في كتب القوم ، ذكرنا أحسنها في هذا الكتاب.
منها : معادلتها في الفاعلية ـ ب «مثل» في قوله : [الطويل]
١١٩٧ ـ وإنّك لم يفخر عليك كفاخر |
|
ضعيف ولم يغلبك مثل مغلّب (٣) |
ومنها دخول حروف الجر ، والإسناد إليها. وتقدّم [الكلام] في اشتقاق القرية.
قوله : (وَهِيَ خاوِيَةٌ) هذه الجملة فيها خمسة أوجه :
أحدها : أن تكون حالا من فاعل «مرّ» والواو هنا رابطة بين الجملة الحالية وصاحبها ، والإتيان بها واجب ؛ لخلوّ الجملة من ضمير يعود إليه.
الثاني : أنها حال من «قرية» : إمّا على جعل «على عروشها» صفة لقرية على أحد الأوجه الآتية في هذا الجارّ ، أو على رأي من يجيز الإتيان بالحال من النكرة مطلقا ؛ وهو ضعيف عند سيبويه (٤).
الثالث : أنها حال من «عروشها» مقدّمة عليه ، تقديره : مرّ على قرية على عروشها خاوية.
الرابع : أن تكون حالا من «ها» المضاف إليها «عروش» قال أبو البقاء (٥) : «والعامل معنى الإضافة ، وهو ضعيف مع جوازه» انتهى. والذي سهّل مجيء الحال من المضاف إليه ، كونه بعض المضاف ؛ لأنّ «العروش» بعض القرية ، فهو قريب من قوله تعالى : (ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر : ٤٧].
__________________
(١) تقدم برقم (٢٢٤).
(٢) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١٨٢.
(٣) البيت لامرئ القيس ينظر ديوانه (٤٤) ، الخزانة ٤ / ٢٦٤ الدرر ٢ / ٢٩ ، الأضداد (٥٣) ، المزهر في علوم اللغة وأنواعها ٢ / ٤٨٧ ، رصف المباني ص ١٩٦ ، اللسان (غلب) ، الدر المصون ١ / ٦٢٢.
(٤) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ٢٨٢.
(٥) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٠٩.