قوله : (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ) هذا الجارّ في محلّ جر ؛ صفة لسنابل ، أو نصب ؛ صفة لسبع ، نحو : رأيت سبع إماء أحرار ، وأحرارا ، وعلى كلا التقديرين فيتعلّق بمحذوف.
وفي رفع «مئة» وجهان :
أحدهما : بالفاعلية بالجارّ ؛ لأنه قد اعتمد إذ قد وقع صفة.
والثاني : أنها مبتدأ والجارّ قبله خبره ، والجملة صفة ، إمّا في محلّ جرّ ، أو نصب على حسب ما تقدّم ، إلّا أنّ الوجه [الأول] أولى ؛ لأنّ الأصل الوصف بالمفردات ، دون الجمل. ولا بدّ من تقدير حذف ضمير ، أي : في كلّ سنبلة منها ، أي : من السنابل.
والجمهور على رفع : «مئة» على ما تقدّم ، وقرئ (١) : بنصبها.
وجوّز أبو البقاء (٢) في نصبها وجهين :
أحدهما : بإضمار فعل ، أي : أنبتت ، أو أخرجت.
والثاني : أنها بدل من «سبع» ، وردّ بأنّه لا يخلو : إمّا أن يكون بدل [كلّ] من كلّ ، أو بدل بعض من كلّ ، أو بدل اشتمال.
فالأول : لا يصحّ ؛ لأنّ المائة ليست كلّ السبع سنابل.
والثاني : لا يصحّ ـ أيضا ؛ لعدم الضمير الراجع على المبدل منه ، ولو سلّم عدم اشتراط الضمير ، فالمئة ليست بعض السبع ؛ لأنّ المظروف ليس بعضا للظرف ، والسنبلة ظرف للحبة ، ألا ترى قوله : (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) فجعل السّنبلة وعاء للحبّ.
والثالث ـ أيضا ـ لا يصحّ ؛ لعدم الضّمير ، وإن سلّم ، فالمشتمل على (مِائَةُ حَبَّةٍ) هو سنبلة من سبع سنابل ، إلا أن يقال إنّ المشتمل على المشتمل على الشيء ، هو مشتمل على ذلك الشيء ، فالسنبلة مشتملة على مائة والسنبلة مشتمل عليها سبع سنابل ، فلزم أنّ السبع مشتملة على «مائة حبة».
وأسهل من هذا كلّه أن يكون ثمّ مضاف محذوف ، أي : حبّ سبع سنابل ، فعلى هذا يكون «مئة حبّة» بدل بعض من كل.
فصل في المقصود بسبيل الله
معنى (يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) يعني : دينه ، قيل : أراد النفقة في الجهاد خاصّة ، وقيل : جميع أبواب الخير من الواجب والنّفل.
قال القرطبيّ (٣) : شبّه المتصدّق بالزّارع ، وشبّه البذر بالصدقة ، فيعطيه بكل صدقة
__________________
(١) انظر : الشواذ ١٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٣٥٦ ، والبحر المحيط ٢ / ٣١٧ ، والدر المصون ١ / ٦٣٥.
(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١١١.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٩٧.