وسبب مغفرة ، لأنّ المغفرة من الله تعالى ، فلا تفاضل بينها ، وبين فعل العبد ، ويجوز أن تكون المغفرة : مجاوزة المتصدّق ، واحتماله للفقير ، فلا يكون فيه حذف مضاف».
الثاني : أنّ «قول معروف» مبتدأ وخبره محذوف ، أي : أمثل ، أو أولى بكم ، و «مغفرة» مبتدأ ، و «خير» خبرها ، فهما جملتان ، ذكره المهدوي وغيره. قال ابن عطيّة : «وهذا ذهاب برونق المعنى».
والثالث : أنّه خبر مبتدأ محذوف تقديره : المأمور به قول معروف.
وقوله : (يَتْبَعُها أَذىً) في محلّ جرّ صفة لصدقة ، فإن قيل لم يعد ذكر المنّ فيقول : يتبعها منّ ، وأذى. فالجواب ؛ لأنّ الأذى يشمل المنّ ، وغيره ، وإنّما نصّ عليه في قوله : (لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) لكثرة وقوعه من المتصدّقين ، وعسر تحفظّهم منه ، ولذلك قدّم على الأذى.
فصل
القول المعروف : هو القول الذي تقبله القلوب ، والمراد منه هنا : ردّ السّائل بطريق حسن.
وقال عطاء : عدة حسنة (١).
وقال القرطبيّ : وروي من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إذا سأل السّائل فلا تقطعوا عليه مسألته حتّى يفرغ منها ، ثمّ ردّوا عليه بوقار ، ولين ، أو ببذل يسير ، أو ردّ جميل ، فقد يأتيكم من ليس بإنس ولا جانّ ينظرون صنيعكم فيما خوّلكم الله تعالى» (٢).
وأمّا المغفرة فقيل : هي العفو عن بذاءة الفقير ، والصّفح عن إساءته فإنه إذا ردّ بغير مقصوده ؛ شقّ عليه ذلك ، فربّما حمله ذلك على بذاءة اللّسان.
وقيل المراد ونيل مغفرة من الله بسب ذلك الردّ الجميل.
وقال الضّحّاك : نزلت في إصلاح ذات البين (٣).
وقيل المراد : أن يستر حاجة الفقير ، فلا يهتك ستره ، ولا يذكر حاله عند من يكره الفقير وقوفه على حاله.
وقيل : إن قوله (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) خطاب مع المسؤول بأن يردّ السّائل بأحسن الطّرق.
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٤٣.
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن» (٣ / ٢٠١) فقال : روي عن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكره.
(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٢٥٠.