١٢٢٩ ـ وإنّي إن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي (١) |
والفقر والفقر لغتان ؛ وهو الضعيف بسبب قلّة المال ، وأصله في اللغة : كسر الفقار ، يقال : رجل فقير وفقر ، إذا كان مكسور الفقار ؛ قال طرفة : [الرمل]
١٢٣٠ ـ .......... |
|
إنّني لست بموهون فقر (٢) |
وسيأتي له مزيد بيان في قوله : «للفقراء».
فصل في المراد من الآية
معنى الآية الكريمة أن الشيطان يخوّفكم الفقر ، ويقول للرجل : أمسك عليك مالك ؛ فإنك إذا تصدقت به افتقرت.
وهذه أوجه اتصال هذه الآية بما قبلها.
قيل المراد ب «الشيطان» : إبليس ، وقيل : شياطين الجن ، والإنس.
وقيل : النّفس الأمّارة بالسّوء.
(وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) أي : بالبخل ، ومنع الزكاة (٣).
قال الكلبي : كلّ فحشاء في القرآن فهو الزنا إلّا هذا ، والفاحش عند العرب : البخيل ، قال طرفة : [الطويل]
١٢٣١ ـ أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي |
|
عقيلة مال الفاحش المتشدد (٤) |
«يعتام» : منقول من عام فلان إلى اللبن ، إذا اشتهاه ، وقد نبّه الله تعالى في هذه الآية الكريمة على لطيفة ، وهي أنّ الشيطان يخوفه أولا بالفقر ، ثم يتوصل بهذا التخويف إلى أن يأمره بالفحشاء ، ويغريه على البخل ؛ وذلك لأن البخل صفة مذمومة عند كل أحد فالشيطان لا يمكنه تحسين البخل في عينه إلّا بتقديم تلك المقدمة ، وهي التخويف من الفقر ، وقيل «الفحشاء» : هو أن يقول : لا تنفق الجيد من مالك في طاعة الله تعالى ؛ لئلا تصير فقيرا ؛ فإذا أطاع الرجل الشيطان في ذلك ، زاد الشيطان فيمنعه من الإنفاق بالكلية ؛ حتى لا يعطي الجيد ، ولا الرديء ، وحتى يمنع الحقوق الواجبة ، فلا يؤدّي الزكاة ، ولا
__________________
(١) البيت لعامر بن الطفيل : ينظر ديوانه ص (٥٨) ، إنباه الرواة ٤ / ١٣٩ مراتب النحويين ص (٣٨) ، اللسان : وعد. والقرطبي ٥ / ٢١٥.
(٢) عجز بيت وصدره :
وإذا تلسنني ألسنتها
ينظر : ديوانه ص ٥٣ ، واللسان (فقر) ، الرازي ٧ / ٥٧.
(٣) ينظر تفسير البغوي ١ / ٢٥٦.
(٤) ينظر : ديوانه (٣٤) ، اللسان (فحش) ، الرازي ٧ / ٥٧ ، البحر المحيط ٢ / ٣٣٣.