والأوقات ، ودليل إثبات الشفاعة خاصّ في بعض الأوقات ، والخاصّ مقدم على العامّ.
الوجه الرابع : ما بينا أن اللفظ العامّ لا يكون قاطعا في الاستغراق ؛ بل ظاهر على سبيل الظن القويّ ، فصار الدليل ظنيا ، والمسألة ليست ظنّية ، فسقط التمسّك بها.
و «الأنصار» جمع نصير ؛ كأشراف ، وشريف ، وأحباب ، وحبيب.
قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(٢٧١)
قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) أي تظهرونها (فَنِعِمَّا هِيَ).
الفاء جواب الشرط ، و «نعم» فعل ماض للمدح ، نقيض بئس ، وحكمها في عدم التصرف ، والفاعل ، واللغات حكم بئس ، كما تقدّم.
و «ما» في محلّ الرفع. و «هي» في محل النصب ، كما تقول : نعم الرجل رجلا ، فإذا عرّفت ، رفعت فقلت : نعم الرجل زيد.
قال الزجاج (١) : «ما» في تأويل الشيء ، أي : نعم الشيء هو.
قال أبو علي (٢) : الجيد في تمثيل هذا أن يقال : «ما» في تأويل شيء ؛ لأن «ما» هاهنا نكرة فتمثيله بالنكرة أبين ، والدليل على أن «ما» هاهنا نكرة أنها لو كانت معرفة ، فلا بد لها من صلة ، وليس ها هنا ما يوصل به ؛ لأن الموجود بعد «ما» هو «هي» وكلمة «هي» مفردة ، والمفرد لا يكون صلة ل «ما» وإذا بطل هذا ، فنقول «ما» نصب على التمييز ، والتقدير : نعم شيئا هي إبداء الصدقات ، فحذف المضاف ؛ لدلالة الكلام عليه
وقرأ ابن عامر (٣) ، وحمزة ، والكسائيّ ، هنا وفي النساء : «فنعما» بفتح النون ، وكسر العين ، وهذه على الأصل ؛ لأنّ الأصل على «فعل» كعلم ، وقرى ابن كثير ، وورش (٤) ، وحفص : بكسر النون والعين ، وإنما كسر النون إتباعا لكسرة العين ، وهي لغة هذيل.
قيل : وتحتمل قراءة كسر العين أن يكون أصل العين السكون ، فلمّا وقعت بعدها «ما» وأدغم ميم «نعم» فيها ، كسرت العين ؛ لالتقاء الساكنين ، وهو محتمل.
وقرأ أبو عمرو (٥) ، وقالون ، وأبو بكر : بكسر النون ، وإخفاء حركة العين.
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٦٤.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : السبعة ١٩٠ ، والكشف ١ / ٣١٦ ، والحجة ٢ / ٣٩٦ ، وحجة القراءات ١٤٦ ، ١٤٧ ، وإعراب القراءات ١ / ١٠٠ ، ١٠٢ ، والعنوان ٧٥ ، وشرح طيبة النشر ٤ / ١٢٨ ، وشرح شعلة ٣٠٢ ، وإتحاف ١ / ٤٥٥ ، ٤٥٦.
(٤) السابق.
(٥) السابق.