ويروى : «من ذو» على الأصل.
فصل
قوله : (إِنْ كُنْتُمْ) شرط ، وجوابه محذوف عند الجمهور ، أي : فاتّقوا ، وذروا ، ومتقدّم عند جماعة ، وقيل : «إن» هنا بمعنى إذ ؛ وهذا مردود.
فإن قيل : كيف قال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) ثم قال (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فالجواب من وجوه :
الأول : أن هذا كما يقال إن كنت أخي فأكرمني ، معناه : إنّ من كان أخا ، أكرم أخاه.
الثاني : أنّ معناه إن كنتم مؤمنين قبله ، أي : معترفين بتحريم الرّبا.
الثالث : إن كنتم تريدون استدامة حكم الإيمان.
الرابع : يا أيّها الذين آمنوا ، بلسانهم ، ذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين بقلوبكم.
الخامس : ما تقدم أنّ «إن» بمعنى «إذ».
فصل في سبب النزول
في سبب النزول روايات :
الأولى : أن أهل مكة كانوا يرابون ، فلما أسلموا عند فتح مكة ، أمرهم الله تعالى بهذه الآية ، أن يأخذوا رؤوس أموالهم دون الزيادة (١).
الثانية : قال مقاتل : نزلت في أربعة إخوة من ثقيف : مسعود ، وعبد [ياليل] ، وحبيب ، وربيعة ، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي ، كانوا يداينون بنى المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم وكانوا يرابون. فلما ظهر النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على الطائف ، أسلم هؤلاء الإخوة ، فطلبوا رباهم من بني المغيرة. فقال بنو المغيرة : والله ما نعطي الرّبا في الإسلام ، وقد وضعه الله تعالى عن المؤمنين ، فاختصموا إلى عتّاب بن أسيد ، فكتب عتّاب ـ وكان عامل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بقصة الفريقين ، وكان ذلك مالا عظيما ؛ فنزلت الآية (٢).
__________________
ـ الشواهد ص ٥٤ ، ١٤٤ ، وشرح الأشموني ١ / ٧٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٠ ، ٨٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٢٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٤.
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٤٧) وعزاه لعبد بن حميد عن الضحاك.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان كما في «الدر المنثور» (١ / ٦٤٧) وانظر تفسير الرازي (٧ / ٨٧).