[المزمل : ١٧] أي : كيف تتقون هذا اليوم الذي هذا وصفه ، مع الكفر بالله تعالى.
فصل في آخر ما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم من القرآن
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ هذه آخر آية نزلت على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذلك لأنه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ لما حجّ نزلت (وَيَسْتَفْتُونَكَ) [النساء : ١٧٦] وهي آية الكلالة ثم نزلت ، وهو واقف بعرفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] ثم نزل (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) فقال جبريل ـ عليهالسلام ـ يا محمد ضعها على رأس مائتين وثمانين آية من سورة البقرة ، وعاش رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعدها أحدا وثمانين يوما (١) ، وقيل أحدا وعشرين يوما.
وقال ابن جريج : تسع ليال (٢).
وقال سعيد بن جبير : سبع ليال ، وقيل : ثلاث ساعات ، ومات يوم الاثنين ، لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول ، حين زاغت الشمس ، سنة إحدى عشرة من الهجرة (٣).
وقال الشعبي ، عن ابن عباس : آخر آية نزلت على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ آية الرّبا (٤).
قوله تعالى : (تُرْجَعُونَ فِيهِ) : هذه الجملة في محلّ نصب ؛ صفة للظرف. وقرأ أبو عمرو (٥) : «ترجعون» بفتح التاء ؛ مبنيا للفاعل ، والباقون بضمّ التّاء مبنيا للمفعول. وقرأ الحسن (٦) : «يرجعون» بياء الغيبة ؛ على الالتفات. قال ابن جنّي (٧) : «كأنّ الله تعالى رفق بالمؤمنين عن أن يواجههم بذكر الرّجعة ، إذ هي ممّا تتفطّر لها القلوب ، فقال لهم : «واتّقوا» ثم رجع في ذكر الرجعة إلى الغيبة ، فقال : يرجعون».
واعلم أنّ الرجوع لازم ومتعدّ ، وعليه خرّجت القراءتان.
فصل في المراد باليوم
قال القاضي : اليوم : عبارة عن زمان مخصوص ، وذلك لا يتّقى ؛ إنّما يتقى ما يحدث
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٠) والطبراني كما في «المجمع» (٦ / ٣٢٤).
وقال الهيثمي : رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٥٣) وزاد نسبته لأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤١) عن ابن جريج.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير كما في «الدر المنثور» (١ / ٦٥٣).
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ١ / ٢٦٦.
(٥) انظر : السبعة ١٩٣ ، والكشف ١ / ٣١٩ ، والعنوان ٧٦ ، والحجة ٢ / ٤١٧ ، وإعراب القراءات ١ / ١٠٤ ، وحجة القراءات ١٤٩ ، وشرح شعلة ٣٠٤ ، وإتحاف ١ / ٤٥٩.
(٦) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٧٨ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٥٦ ، والدر المصون ١ / ٦٧١.
(٧) ينظر : المحتسب لابن جني ١ / ١٤٥.