١٢٧٧ ـ داينت أروى والدّيون تقضى |
|
فمطلت بعضا وأدّت بعضا (١) |
ويقال : دنت الرجل : إذا بعته بدين ، وأدنته أنا : أخذت منه بدين ففرّقوا بين فعل وأفعل.
قال ابن الخطيب (٢) : قال أهل اللغة القرض غير الدين ؛ لأنّ القرض أن يقرض الرجل الإنسان دراهم أو دنانير أو حبا أو تمرا وما أشبه ذلك ، ولا يجوز فيه الأجل ، والدّين يجوز فيه الأجل ويقال من الدّين : ادّان إذا باع سلعته بثمن إلى أجل ، ودان يدين إذا أقرض ودان إذا استقرض ؛ وأنشد الأحمر : [الطويل]
١٢٧٨ ـ ندين ويقضي الله عنّا وقد نرى |
|
مصارع قوم لا يدينون ضيّع (٣) |
فصل في بيان إباحة السلف
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : لما حرم الله تعالى الرّبا ؛ أباح السّلف ، وقال : أشهد أن السّلف المضمون إلى أجل مسمّى ، قد أحلّه الله في كتابه ، وأذن فيه ثمّ قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)(٤).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : نزلت في السّلف ؛ لأنّ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قدم المدينة وهم يسلفون الثّمار السّنتين ، والثّلاث ؛ فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من أسلف ؛ فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم» (٥).
وقال آخرون : المراد القرض ، وهو ضعيف ؛ لأن القرض لا يشترط فيه الأجل والآية فيها اشتراط الأجل ، وقال أكثر المفسّرين البياعات على أربعة أوجه :
أحدها : بيع العين بالعين ، وذلك ليس بمداينة ألبتة.
والثاني : بيع الدّين بالدّين ، وهو باطل ، فلا يدخل تحت الآية. بقي قسمان ، وهما بيع العين بالدّين ، وهو بيع الشّي بثمن مؤجّل ، وبيع الدّين بالعين ، وهو المسمّى ب «السّلم» وكلاهما داخلان تحت هذه الآية الكريمة.
__________________
(١) ينظر : ديوانه (٧٩) ، الكتاب ٢ / ٣٠٠ ، الخصائص ٢ / ٩٦ ، البحر ٢ / ٣٥٧ ، الدر المصون ١ / ٦٧٢.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٩٤.
(٣) البيت للعجير السلولي. ينظر : اللسان (دين) ، الرازي ٧ / ٩٤.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٥) وعبد الرزاق (٤ / ٢٥٢) والشافعي في «الأم» (٣ / ٨٠ ـ ٨١) والحاكم في «المستدرك» (٢ / ٢٨٦) والبيهقي (٦ / ١٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٥٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني.
(٥) أخرجه البخاري (٣ / ١٧٥) كتاب السلم باب السلم في وزن معلوم رقم (٢٢٤٠) ومسلم (٥ / ٥٥) وأبو داود (٣٤٦٣) والنسائي (٢ / ٢٢٦) والترمذي (١ / ٢٤٦) والشافعي (١٣١٢) وابن ماجه (٢٢٨٠) وابن الجارود (٦١٤ ، ٦١٥) وأحمد (١ / ٢١٧ ، ٢٢٢ ، ٢٨٢ ، ٣٥٨) عن ابن عباس.