والثاني : أن يكون أضمر التّجارة ؛ كأنه قيل : إلّا أن تكون التّجارة تجارة ؛ ومثله ما أنشده الفرّاء رحمهالله : [الطويل]
١٢٩١ ـ فدّى لبني ذهل بن شيبان ناقتي |
|
إذا كان يوما ذا كواكب أشهبا (١) |
وأنشد الزمخشريّ : [الطويل]
١٢٩٢ ـ بني أسد هل تعلمون بلاءنا |
|
إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا (٢) |
أي : إذا كان اليوم يوما ، و «بينكم» ظرف لتديرونها.
قوله : «فليس» قال أبو البقاء (٣) : «دخلت الفاء في «فليس» إيذانا بتعلّق ما بعدها بما قبلها» قال شهاب الدين رحمهالله تعالى : هي عاطفة هذه الجملة على الجملة من قوله : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) إلى آخرها ، والسّببيّة فيها واضحة أي : بسبب عن ذلك رفع الجناح في عدم الكتابة.
وقوله : «أن لا تكتبوها» أي : «في أن لا» ، فحذف حرف الجر فبقي في موضع «أن» الوجهان.
فصل
التّجارة عبارة عن التّصرّف في المال سواء كان حاضرا أو في الذّمّة لطلب الرّبح ، يقال : تجر الرّجل يتجر تجارة ، فهو تاجر.
قال النّوويّ في «التّهذيب» (٤) : «ويقال : اتّجر يتّجر تجرا ، وتجارة فهو تاجر ، والجمع تجار كصاحب ، وصحاب ، ويقال أيضا : تجّار بتشديد الجيم كفاجر ، وفجّار».
وقال في «المهذّب» في آخر «باب زكاة الزّرع» يجب العشر والخراج ، ولا يمنع أحدهما الآخر كأجرة المتجر ، وزكاة التجارة ، فالمتجر بفتح الميم ، وإسكان التّاء ، وفتح الجيم ، والمراد به المخزون وصرّح به صاحب «المهذّب» في كتابه «الخلاف» فقال : كأجرة المخزون ، وكذا ذكره غيره من أصحابنا.
فصل
وسواء كانت المبايعة بدين ، أو بعين ، فالتّجارة تجارة حاضرة فقوله : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ
__________________
(١) ينظر : معاني الفراء ١ / ١٨٦ ، والدر المصون ١ / ٦٨٤.
(٢) البيت لعمرو بن شأس ينظر الكتاب ١ / ٤٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٦٣ ، وخزانة الأدب ٨ / ٥٢١ ، والأزهية ص ١٨٦ ، ولحصين بن حمام ينظر المعاني الكبير ص ٩٧٣ ، ولسان العرب (شهب) ، والمقتضب ٤ / ٩٦ ، والدر المصون ١ / ٦٨٤.
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١٢٠.
(٤) ينظر : التهذيب للنوي ٣ / ٤٠.