والزكاة ، والصوم ، والحجّ ، والقصاص ، والجهاد ، والحيض ، والطّلاق ، والعدّة ، والصّداق ، والخلع ، والإيلاء ، والرّضاعة ، والبيع ، والرّبا ، وكيفيّة المداينة ـ ختم هذه السورة بهذه الآية على سبيل التّهديد.
قال ابن الخطيب (١) : لمّا كان أكمل الصفات هو العلم والقدرة عبّر عن كمال قدرته بقول (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وملكا ، وعبّر عن كمال علمه ، وإحاطته بالكلّيّات ، والجزئيّات بقوله : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ، وإذا اختصّ بكمال العلم ، والقدرة ، فكل من في السموات والأرض عبيد مربوبون له ، وجدوا بتخليقه ، وتكوينه ، وهذا غاية الوعد للمطيعين ، ونهاية الوعيد للمذنبين ، ولهذا ختم السورة بهذه.
الثاني : قال أبو مسلم (٢) : إنه تعالى لمّا نزّل في آخر الآية المتقدّمة : «إنه (بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ، ذكر عقيبه ما يجري مجرى الدليل العقلي فقال : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ومعنى هذا الملك أنّ هذه الأشياء لمّا كانت محدثة ، فقد وجدت بتكوينه ؛ وإبداعه ، ومن أتقن هذه الأفعال العجيبة الغريبة المشتملة على الحكم المتكاثرة ؛ والمنافع العظيمة ، فلا شكّ أنّ ذلك من أعظم الأدلّة على كونه عالما محيطا بأجزائها.
الثالث : قال القاضي (٣) : إنه تعالى لمّا أمر بهذه الوثائق ـ أعني الكتابة ، والإشهاد ، والرهن ، وكان المقصود من الأمر بها صيانة الأموال ، والاحتياط في حفظها ـ بيّن تعالى أن المقصود من ذلك إنما يرجع لمنفعة الخلق ، لا لمنفعة تعود إليه سبحانه ، فإنّ له ملك السّموات ، والأرض.
الرابع : قال الشعبيّ ، وعكرمة ، ومجاهد : إنه تعالى لما نهى عن كتمان الشهادة ، وأوعد عليه ، بيّن أنّ له ملك السموات ، والأرض ؛ فيجازي على الكتمان ، والإظهار (٤).
فصل في بيان سبب النّزول
قال مقاتل : نزلت فيمن يتولّى الكافرين من المؤمنين ، يعني : وإن تعلنوا ما في أنفسكم من ولاية الكفّار ، أو تسّروه ، يحاسبكم به الله (٥) ، كما ذكر في سورة آل عمران
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ١٠٨.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ١٠٨.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٠٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٦٠) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي (٣ / ٢٧٣).