وأجيب بأن امرأة رفاعة ، لم تفهم عند الإطلاق إلّا مجرّد العقد ؛ حتى قال لها عليه الصّلاة والسّلام : «لا حتّى تذوقي عسيلته».
ومنها : قوله عليه الصّلاة والسّلام : «ناكح اليد ملعون ، وناكح البهيمة ملعون» (١) أثبت النّكاح [مع عدم العقد.
والنّكاح] في اللّغة عبارة عن الضمّ ، والمداخلة كما تقدّم في المطر ، والأرض ، وتناكح الشّجر ، ونكح النّعاس عينه ، وفي المثل :
«نكحنا الفرى فسترى» والبيت المتقدم ، وقوله : [البسيط]
١٠٧٦ ـ أنكحت صمّ حصاها خفّ يعملة |
|
تغشمرت بي إليك السّهل والجبلا (٢) |
والضّمّ والوطء في المباشرة أتمّ منه في العقد.
وأجيب بأنّ هذه قرائن صارفة له عن حقيقته.
فصل في هل يتناول المشرك أهل الكتاب؟
لفظ «المشرك» ؛ هل يتناول أهل الكتاب؟
فالأكثرون على أنّ الكتابة تشمل لفظ المشرك ، ويدلّ عليه وجوه :
أحدها : قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠] ، ثم قال بعد ذلك : (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة : ٣١] وهذا تصريح بأن اليهوديّ ، والنّصرانيّ مشرك.
وثانيها : قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨] ، فدلت هذه الآية على أنّ ما سوى الشّرك فقد يغفره الله تعالى في الجملة ، فلو كان كفر اليهوديّ والنّصرانيّ ليس بشرك ، لوجب أن يغفره الله تعالى في الجملة ، وذلك باطل ، فعلمنا أنّ كفرهما شرك.
وثالثها : قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) [المائدة : ٧٣]
__________________
ـ والنسائي (٢ / ٨٠) والترمذي (١ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩) والدارمي (٢ / ١٦١ ـ ١٦٢) وابن ماجه (١٩٣٢) وابن الجارود (٦٨٣) والبيهقي (٧ / ٣٧٣ ، ٣٧٤) والطيالسي (١٤٣٧ و ١٤٣٨) وأحمد (٦ / ٣٤ ، ٣٧) من طريق عروة عن عائشة.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
(١) ذكره بهذا اللفظ القاري في «الأسرار المرفوعة» رقم (١٠٢٢) وقال : قال الرهاوي في حاشيته : لا أصل له وتبعه العجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٤٤٩).
وأورده الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٣ / ١٨٨) وعزاه لأبي الفتح الأزدي في «الضعفاء» عن الحسن بن عرفة في جزئه المشهور.
(٢) البيت للمتنبي ينظر شرح ديوانه للمعري ١ / ٦٧ ، الرازي ٦ / ٤٨.