بجزم : «نأخذ» عطفا على «يهلك ربيع» ونصبه ورفعه ، على ما ذكر في «فيغفر» وهذه [قاعدة مطّردة ، وهي أنه إذا وقع بعد جزاء الشرط فعل بعد فاء أو واو جاز فيه هذه] الأوجه الثلاثة ، وإن توسّط بين الشرط والجزاء ، جاز جزمه ونصبه وامتنع رفعه ، نحو : إن تأتني فتزرني أو فتزورني ، أو وتزرني أو تزورني.
وقرأ الجعفي (١) وطلحة بن مصرّف وخلّاد : «يغفر» بإسقاط الفاء ، وهي كذلك في مصحف عبد الله ، وهي بدل من الجواب ؛ كقوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) [الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩]. وقال أبو الفتح (٢) : «وهي على البدل من «يحاسبكم» ، فهي تفسير للمحاسبة» قال أبو حيان (٣) : «وليس بتفسير ، بل هما مترتّبان على المحاسبة». وقال الزمخشريّ : «ومعنى هذا البدل التفصيل لجملة الحساب ؛ لأنّ التفصيل أوضح من المفصّل ، فهو جار مجرى بدل البعض من الكلّ أو بدل الاشتمال ؛ كقولك : «ضربت زيدا رأسه» و «أحييت زيدا عقله» ، وهذا البدل واقع في الأفعال وقوعه في الأسماء ؛ لحاجة القبيلين إلى البيان».
قال أبو حيان (٤) : وفيه بعض مناقشة : أمّا الأول ؛ فقوله : «معنى هذا البدل التفصيل لجملة الحساب» ، ولس العذاب والغفران تفصيلا لجملة الحساب ؛ لأنّ الحساب إنما هو تعداد حسناته وسيئاته وحصرها ، بحيث لا يشذّ شيء منها ، والغفران والعذاب مترتّبان على المحاسبة ، فليست المحاسبة مفصّلة بالغفران والعذاب. وأمّا ثانيا ؛ فلقوله بعد أن ذكر بدل البعض من الكل وبدل الاشتمال : «وهذا البدل واقع في الأفعال وقوعه في الأسماء لحاجة القبيلين إلى البيان» ، أمّا بدل الاشتمال ، فهو يمكن ، وقد جاء ؛ لأنّ الفعل يدلّ على الجنس ، وتحته أنواع يشتمل عليها ، ولذلك إذا وقع عليه النفي ، انتفت جميع أنواعه ، وأمّا بدل البعض من الكلّ ، فلا يمكن في الفعل إذ الفعل لا يقبل التجزّؤ ؛ فلا يقال في الفعل له كلّ وبعض ، إلا بمجاز بعيد ، فليس كالاسم في ذلك ، ولذلك يستحيل وجود [بدل] البعض من الكلّ في حق الله تعالى ؛ إذ الباري لا يتقسّم ولا يتبعّض.
قال شهاب الدين (٥) : ولا أدري ما المانع من كون المغفرة والعذاب تفسيرا ، أو تفصيلا للحساب ، والحساب نتيجته ذلك ، وعبارة الزمخشريّ هي بمعنى عبارة ابن جنّي ، وأمّا قوله : «إنّ بدل البعض من الكلّ في الفعل متعذّر ، إذ لا يتحقّق فيه تجزّؤ» ، فليس بظاهر ؛ لأنّ الكلية والبعضية صادقتان على الجنس ونوعه ، فإنّ الجنس كلّ ، والنوع
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٩٠ ، البحر المحيط ٢ / ٣٧٦ ، الدر المصون ١ / ٦٩٠.
(٢) ينظر : المحتسب ١ / ١٤٩.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٣٧٦.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٣٧٧.
(٥) ينظر : الدر المصون ١ / ٦٩١.