غارة ، وأجاب جابة ، وقالوا : «ساء سمعا ؛ فساء جابة» ؛ ولا ينقاس ؛ فلا يقال : طال طالة ، ونظير أجاب جابة : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧] وأعطى عطاء في قوله : [الوافر]
١٣١٣ .......... |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (١) |
فصل في المراد بالآية
معناه : لا تكلّفنا من العمل ما لا نطيق (٢).
وقيل : هو حديث النّفس والوسوسة المتقدّم في الآية الأولى ، وحكي عن مكحول : أنّه الغلمة (٣).
وعن إبراهيم : هو الحبّ ، وعن محمّد بن عبد الوهّاب : هو العشق.
وقال ابن جريج : هو مسخ القردة والخنازير (٤) ، وقيل : هو شماتة الأعداء.
وقيل : هو الفرقة والقطيعة (٥).
فإن قيل : لم خصّ الآية الأولى بالحمل ، فقال (لا تَحْمِلْ عَلَيْنا) وهذه الآية بالتّحميل؟
فالجواب : أن الشّاقّ (٦) يمكن حمله ، أمّا ما لا يكون مقدورا ، فلا يمكن حمله ، فالحاصل فيما لا يطاق هو التّحميل (٧) فقط ، فإن التّحمّل غير ممكن.
وأمّا الشاقّ : فالحمل ، والتّحميل فيه ممكنان ، فلهذا السّبب خصّ الآية الأخيرة بالتّحميل.
فإن قيل : ما الفائدة في حكاية هذه الأدعية بلفظ الجمع في قوله : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ، ولفظ الإفراد أكثر تذلّلا وخضوعا من التّلفّظ (٨) بنون الجمع.
فالجواب : أن قبول الدّعاء عند الاجتماع أكثر ، وذلك لأن للهمم (٩) تأثيرات ، فإذا اجتمعت الأرواح والدّواعي على شيء واحد ، كان حصوله أكمل.
فصل
استدلّوا بهذه الآية الكريمة على جواز التّكليف بما لا يطاق ، قالوا : إذ لو لم يكن
__________________
(١) تقدم برقم ٣٣٩.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٣٩) عن الضحاك.
(٣) انظر : المصدر السابق.
(٤) انظر : المصدر السابق.
(٥) في ب : والعطية.
(٦) في ب : التعليق.
(٧) في ب : التحمل.
(٨) في ب : اللفظ.
(٩) في ب : لهم.