«ولا تقربوهنّ» نهي عن الالتذاذ بما يقرب من ذلك الموضع.
«حتّى» هنا بمعنى «إلى» والفعل بعدها منصوب بإضمار أن ، وهو مبنيّ لاتصاله بنون الإناث.
وقرأ (١) حمزة والكسائيّ ، وأبو بكر بتشديد الطّاء والهاء ، والأصل :
يتطهّرن ، فأدغم.
والباقون : «يطهرن» مضارع طهر. قالوا : وقراءة التّشديد معناها يغتسلن ، وقراءة التّخفيف معناها ينقطع دمهنّ. ورجّح الطّبري قراءة التّشديد وقال : «هي بمعنى يغتسلن لإجماع الجميع على تحريم قربان الرّجل امرأته بعد انقطاع الدّم حتّى تطهر ، وإنما الخلاف في الطهر ما هو؟ هل هو الغسل أو الوضوء ، أو غسل الفرج فقط؟».
قال ابن عطيّة : «وكلّ واحدة من القراءتين تحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء ، وأن يراد بها انقطاع الدّم وزوال أذاه».
قال : «وما ذهب إليه الطّبريّ من أنّ قراءة التّشديد مضمّنها الاغتسال ، وقراءة التّخفيف مضمّنها انقطاع الدّم أمر غير لازم ، وكذلك ادّعاؤه الإجماع» وفي رد ابن عطيّة عليه نظر ؛ إذ لو حملنا القراءتين على معنى واحد لزم التّكرار. ورجّح الفارسيّ قراءة التّخفيف ؛ لأنها من الثلاثي المضادّ لطمث وهو ثلاثي.
فصل في ورود لفظ الطهور في القرآن
قال أبو العبّاس المقري : ورد لفظ «الطّهور» في القرآن بإزاء تسعة معان :
الأول : انقطاع الدّم ، قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة : ٢٢٢] ، أي : حتى ينقطع الدّم.
الثاني : الاستنجاء بالماء ؛ قال تعالى : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) [التوبة : ١٠٨] ، أي : يستنجون بالماء.
الثالث : الاغتسال ، قال تعالى : (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) [البقرة : ٢٢٢] أي : اغتسلن.
الرابع : التّنظيف من الأدناس ، قال تعالى : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) [البقرة : ٢٥].
الخامس : التّطهّر من الذّنوب ؛ قال تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة : ٧٩] ، ومثله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) [التوبة : ١٠٣].
__________________
(١) انظر : السبعة ١٨٢ ، والكشف ١ / ٢٩٣ ، والحجة ٢ / ٣٢١ ، وحجة القراءات ١٣٤ ، ١٣٥ ، والعنوان ٧٤ ، وشرح الطيبة ٤ / ٩٩ ، وشرح شعلة ٩٠٤ ، ٢٩١ ، وإتحاف ١ / ٤٣٨.