الكلام ؛ فكقوله تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) [القصص : ٥٥] وقوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) [الواقعة : ٢٥] ، وقوله : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦] ، (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) [الغاشية : ١١] وقال عليه الصّلاة والسّلام : «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب : أنصت فقد لغوت» (١).
وأما قوله : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) [الفرقان : ٧٢] فيحتمل أن يكون المراد وإذا مرّوا بالكلام الّذي يكون لغوا ، وأن يكون المراد : وإذا مرّوا بالفعل الّذي يكون لغوا ، وأمّا ورود هذه اللّفظة في غير الكلام ، فكما ورد فيما لا يعتّد به من الدّية في أولاد الإبل.
وقيل : هو ما لا يفهم ، من قولهم : «لغا الطّائر» ، أي : صوّت ، واللّغو : ما لهج به الإنسان ، واللغة مأخوذة من هذا.
وقال الراغب (٢) : ولغي بكذا : أي لهج به لهج العصفور بلغاه ، ومنه قيل للكلام الذي تلهج به فرقة «لغة» ؛ لجعلها مشتقة من لغي بكذا ، أي : أولع به ، وقال ابن عيسى ـ وقد ذكر أن اللّغو ما لا يفيد ـ : «ومنه اللغة ؛ لأنّها عند غير أهلها لغو» ، وقد غلّطوه في ذلك.
قوله : (فِي أَيْمانِكُمْ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يتعلّق بالفعل قبله.
الثاني : أن يتعلّق بنفس المصدر قبله ؛ كقولك : «لغا في يمينه».
الثالث : أن يتعلّق بمحذوف على أنه حال من اللّغو ، وتعرفه من حيث المعنى ؛ أنك لو جعلته صلة لموصول ، ووصفت به اللغو ، لصحّ المعنى ، أي : اللغو الذي في أيمانكم. وسمّي الحلف يمينا ؛ لأن العرب كانوا إذا تحالفوا وضع أحدهم يمينه في يمين الآخر.
وقيل : لأنّه يحفظ الشّيء كما تحفظ اليد اليمنى الشّيء.
فصل في تفسير اللغو
ذكر المفسّرون في «اللّغو» وجوها :
أحدها : قال الشّافعيّ وغيره : هو قول الرّجل في عرض حديثه : «لا والله» و «بلى والله» من غير قصد إليهما ، وهو قول عائشة ، وإليه ذهب الشّعبي وعكرمة ، لما روت عائشة ؛ قالت : سبب نزول هذه الآية : قول الرّجل في عرض حديثه : (لا والله) و (بلى
__________________
(١) أخرجه البخاري (٢ / ٤١٤) كتاب «الجمعة» : باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب حديث (٣٩٤) ، ومسلم (٢ / ٥٨٣) كتاب «الجمعة» : باب في الإنصات يوم الجمعة (١١ / ٨٥١).
(٢) ينظر : المفردات للراغب ٤٧٢.