والأعراض. فإن قلت : لم جمع؟ قلت : ليشمل كل جنس مما سمى به. فإن قلت : هو اسم غير صفة ، وإنما تجمع بالواو والنون صفات العقلاء أو ما في حكمها من الأعلام. قلت : ساغ ذلك لمعنى الوصفية فيه وهي الدلالة على معنى العلم.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)
قرئ : ملك يوم الدين ، ومالك ، وملك بتخفيف اللام. وقرأ أبو حنيفة رضى الله عنه : مالك بالنصب. وقرأ غيره : مالك وهو نصب على المدح ؛ ومنهم من قرأ : مالك ،بالرفع. ومالك : هو الاختيار. لأنه قراءة أهل الحرمين ، ولقوله : (لمن اللك اليوم) ، ولقوله : (ملك الناس). ولأن الملك يعم والملك يخص. ويوم الدين : يوم الجزاء. ومنه قولهم : «كما تدين تدان» (١) وبيت الحماسة :
__________________
ـ لاختلاف الأنواع الجمع ، والمفيد لاستغراق جميعها التعريف ؛ ألا ترى أنه إذا جمع مجردا من التعريف دل على اختلاف الأنواع ، ثم إذا عرف أفاد استغراقا غير موقوف على الجمعية ، إذ هذا حكم مفرده إذا عرف ؛ فقول الزمخشري اذاً «إن فائدة جمع العالمين الاستغراق» مردود بثبوت هذه الفائدة وإن لم يجمع ؛ وقول إمام الحرمين «إن الجمع يؤيد الاشعار بالاستغراق لما نتخيله من الرد إلى الوجدان» مرود بأن فائدة الجمع الاشعار باختلاف الأنواع ، واختلافها لا ينافي استغراقها بصيغة المفرد المقر من تعريف الجنس ، وإن أراد أن الجمع يخيل الاشارة إلى أنواع محله معهودة فهذا الخيال يعينه من المفرد ، فالعالم إذاً جمع ليفيد اختلاف الأنواع المندرجة تحته من الجن والانس والملائكة ، وعرف ليفيد عموم الربوبية لله تعالى في كل أنواعه ؛ وتوضيح هذا التقرير : أنا لو فرضنا جنساً ليس تحته إلا آحاد متساوية وهو الذي يسميه غير النحاة النوع الأسفل ، لما جاز جمع هذا بحال ، لا معرفا ولا منكراً ، وبهذا الفائدة يرد قول إمام الحرمين «إن التمور جمع من حيث اللفظ» لا معنى تحته لجمع الجمع في نحو نوق ونياق وأنيق ؛ وأما تعليل الزمخشري جمعه بالواو والنون باشعاره لصفة العلم فيلحق بصفات من يعقل ، فصحيح إذا بنى الأمر على أنه لا يتناول إلا أولى العلم : وأما على القول بأنه اسم لكل موجود سوى الله ، فيحتاج إلى مزيد نظر في تغليب العاقل في الجمع على غير العاقل
(١) هو طرف من حديث مرفوع أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة هوسلا هكذا أخرجه البيهقي في الزهد ؛ ورواه الامام أحمد عن عبد الرزاق بسنده عن أبي قلابة عن أبي الدرداء ، وهكذا منقطع مع وقفه . وله شاهد موصول من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وأخرجه ابن عدى في ترجمه محمد بن عبد الملك وضعفه . قلت : وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن أبي أيوب الجبائري عن سعيد بن موسى عن رباح بن زيد عن معمر عن الزهري عن أنس حديثا موضوعا ، وفيه : إن الله تعالى قال « يا موسى كما تدين تدان » والمتهم بوضعه سعيد بن موسى