فعلى هذه القراءة يكون التخصيص لصلاتين : إحداهما الصلاة الوسطى ، إمّا الظهر ، وإمّا الفجر وإمّا المغرب ، على اختلاف الروايات فيها ، والثانية : العصر ، وقيل : فضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم. وعن ابن عمر رضى الله عنهما : هي صلاة الظهر (١) ، لأنها في وسط النهار ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهاجرة ، ولم تكن صلاة أشدّ على أصحابه منها. وعن مجاهد : هي الفجر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل. وعن قبيصة بن ذؤيب : هي المغرب ، لأنها وتر النهار ولا تنقص في السفر من الثلاث (٢) : وقرأ عبد الله : وعلى الصلاة الوسطى : وقرأت عائشة رضى الله عنها (والصلاة الوسطى) بالنصب على المدح والاختصاص. وقرأ نافع : الوصطى ، بالصاد (وَقُومُوا لِلَّهِ) في الصلاة (قانِتِينَ) ذاكرين لله في قيامكم. والقنوت : أن تذكر الله قائما : وعن عكرمة : كانوا يتكلمون في الصلاة فنهوا. وعن مجاهد : هو الركود وكف الأيدى والبصر. وروى أنهم كانوا إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن أن يمدّ بصره أو يلتفت ، أو يقلب الحصا ، أو يحدّث نفسه بشيء من أمور الدنيا (فَإِنْ خِفْتُمْ) فإن كان بكم خوف من عدوّ أو غيره (فَرِجالاً) فصلوا راجلين ، وهو جمع راجل كقائم وقيام ، أو رجل. يقال : رجل رجل ، أى راجل. وقرئ : فرجالا. بضم الراء ، ورجالا. بالتشديد ، ورجلا. وعند أبى حنيفة رحمه الله : لا يصلون في حال المشي والمسايفة ما لم يمكن الوقوف : وعند الشافعي رحمه الله : يصلون في كل حال ، والراكب يومئ ويسقط عنه التوجه إلى القبلة (فَإِذا أَمِنْتُمْ) فإذا زال خوفكم (فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) من صلاة الأمن ، أو فإذا أمنتم فاشكروا الله على الأمن ، واذكروه بالعبادة ، كما أحسن إليكم بما علمكم من الشرائع ، وكيف تصلون في حال الخوف وفي حال الأمن.
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ
__________________
ـ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذا أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي ومالك والشافعي وأحمد من هذا الوجه. وأما ابن عباس فرواه الطبري وابن أبى داود في المصاحف من رواية أبى إسحاق عمر بن مريم عن ابن عباس «أنه كان يقرؤها كذلك».
(١) أخرجه الطبري من رواية أبى عقيل زهرة بن معبد أن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وإبراهيم بن طلحة سألوا ابن عمر عن الصلاة الوسطى. فقال : هي الظهر.
(٢) أخرجه الطبري من رواية إسحاق بن أبى فردة عن رحل عن قبيصة بن ذؤيب قال : الصلاة الوسطى صلاة المغرب. ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها ، ولا تقصر في السفر؟ وإسحاق متروك ، وشيخه مجهول.