(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢٥)
الطول : الفضل ، يقال : لفلان على فلان طول أى زيادة وفضل. وقد طاله طولا فهو طائل. قال :
لَقدْ زَادَنِى حُبًّا لِنَفْسِى أنَّنِى |
|
بَغِيضٌ إلَى كُلِّ امْرِىءٍ غيْرِ طَائِلِ (١) |
ومنه قولهم : ما حلا منه بطائل ، أى بشيء يعتد به مما له فضل وخطر. ومنه الطول في الجسم لأنه زيادة فيه ، كما أن القصر قصور فيه ونقصان. والمعنى : ومن لم يستطع زيادة في المال وسعة (٢) يبلغ بها نكاح الحرّة فلينكح أمة. قال ابن عباس : من ملك ثلاثمائة درهم فقد وجب عليه الحج وحرم عليه نكاح الإماء (٣) وهو الظاهر ، وعليه مذهب الشافعي رحمه الله. وأمّا أبو حنيفة رحمه الله فيقول : الغنىّ والفقير سواء في جواز نكاح الأمة ، ويفسر الاية بأن من لم يملك فراش الحرّة ، على أن
__________________
(١) لقد زادني حبا لنفسي أننى |
|
بغيض إلى كل امرئ غير طائل |
إذا ما رآني قطع الطرف بينه |
|
وبيني فعل العارف المتجاهل |
للطرماح بن حكيم ، يقول : لقد زادني بغضي لغير المحسن حبى لنفسي ، لأنى إذا كرهته لبخله علمت أني بضده ، وأن نفسي كريمة فأحببتها ، إذا رآني غض بصره عنى ، فكأنه قطع امتداده بيني وبينه كما يفعل العارف بالشيء المتغافل عنه ، كراهة لرؤيتى ، أو استحياء منى.
(٢) قال محمود : «معناه ومن لم يستطع زيادة في المال وسعة ... الخ» قال أحمد : وعلى هذا يكون الطول عند أبى حنيفة : وجود الحرة تحته ، وهو أحد القولين لمالك رضى الله عنه ، لكن يبعد هذا المعنى ، لأن الطول عند مالك في أحد قوليه : القدرة بالمال على نكاح الحرة خاصة ، حتى لو كانت الحرة تحته فأراد نكاح الأمة عجزاً عن حرة أخرى جاز له ذلك. وفي القول الآخر : الطول أحد الأمرين ، إما القدرة بالمال على نكاح الحرة ، وإما وجود الحرة تحته حتى لا يجوز له نكاح أمة على حرة إن كان عاجزا عن حرة أخرى. ومقتضى ما نقله المصنف عن أبى حنيفة : أنه لا يجوز لمن تحته حرة نكاح أمة. وأنه يجوز لمن ليست تحته حرة أن ينكح الأمة ولو كان غنيا ، وهو قول لا يساعده ظاهر الآية ، لأن الاستطاعة تثبت وإن لم يفعل المستطيع بمقتضاها ـ فالمستطيع لنكاح الحرة : ذو الطول ، وإن لم يكن تحته الحرة. وتفسير الاستطاعة على مذهب أبى حنيفة بعيد جداً.
(٣) أخرجه ابن أبى شيبة وعبد الرزاق من رواية النزال بن سبرة عنه بهذا.