المتناهية. وعن أبى عثمان النهدي أنه قال لأبى هريرة : بلغني عنك أنك تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله تعالى يعطى عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة» قال أبو هريرة : لا ، بل سمعته يقول «إن الله تعالى يعطيه ألفى ألف حسنة» (١) ثم تلا هذه الآية. والمراد : الكثرة لا التحديد (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضل عطاء عظيما وسماه (أَجْراً) لأنه تابع للأجر لا يثبت إلا بثباته. وقرئ : يضعفها بالتشديد والتخفيف ، من أضعف وضعف : وقرأ ابن هرمز : نضاعفها بالنون (فَكَيْفَ) يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم ، كقوله : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ). (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ) المكذبين (شَهِيداً) وعن ابن مسعود : أنه قرأ سورة النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ قوله : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : «حسبنا» (٢) (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى. وقيل : يودّون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء وقيل : تصير البهائم تراباً ، فيودّون حالها (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم. وقيل الواو للحال ، أى يودون أن يدفنوا تحت الأرض وأنهم لا يكتمون الله حديثا. ولا يكذبون في قولهم : والله ربنا ما كنا مشركين ، لأنهم إذا قالوا ذلك وجحدوا شركهم ، ختم الله على أفواههم عند ذلك ، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك فلشدة الأمر عليهم يتمنون أن تسوى بهم الأرض : وقرئ : تسوى ، بحذف التاء من تتسوى. يقال : سويته فتسوّى نحو : لوّيته فتلوى. وتسوى بإدغام التاء في السين ، كقوله : يسمعون ، وماضيه أسوى كأزكى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ
__________________
(١) أخرجه أحمد والبزار والطبري وابن أبى شيبة من رواية على بن زيد بن جدعان عن أبى عثمان. ولفظه بلغني أن أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يضعف الحسنة لعبده المؤمن ألف ألف حسنة فانطلقت فلقيت أبا هريرة ، فقلت : بلغني عنك أنك تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يعطى بالحسنة ألف ألف حسنة. قال أبو هريرة : بل سمعته يقول : إن الله يعطيه ألفى ألف حسنة ثم تلا (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) ـ إلى قوله (أَجْراً عَظِيماً) فمن يدرى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أجراً عظيما» لم يرفعه ابن أبى شيبة قال البزار لا نعلمه يروى عن أبى هريرة إلا بهذا الاسناد. كذا قال. وقد أخرجه ابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقي في الزهد من طريق زياد الجصاص عن أبى عثمان نحوه. وأخرجه عبد الرزاق عن أبان عن أبى العالية قال : جئت أبا هريرة فذكره موقوفا. وأبان متروك.
(٢) متفق عليه من رواية عبيدة السلماني عنه ، وقال في آخره «حسبك الآن» فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان».