وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)(٥٤)
وقرئ (مَنْ يَرْتَدَّ) ومن يرتدد ، وهو في الإمام بدالين ، وهو من الكائنات التي أخبر عنها في القرآن قبل كونها. وقيل : بل كان أهل الردّة إحدى عشرة فرقة : ثلاث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : بنو مدلج ، ورئيسهم ذو الخمار وهو الأسود العنسي ، وكان كاهنا تنبأ باليمن واستولى على بلاده ، وأخرج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن ، فأهلكه الله على يدي فيروز الديلمي بيته فقتله وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ليلة قتل ، فسرّ المسلمون وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد. وأتى خبره في آخر شهر ربيع الأول (١). وبنو حنيفة ،
__________________
(١) قوله : إن أهل الردة كانوا إحدى عشرة فرقه ثلاثة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبعة على عهد أبى بكر رضى الله عنه وواحدة على عهد عمر. فالتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو مدلج ورئيسهم ذو الخمار وهو الأسود العنسي. قلت : ليس قوله الأسود المذكور بنى مدلج ، بل بنو مدلج قوم من بنى كنانة بن مضر إخوة قريش والأسود المذكور كان باليمن. وقومه بنو عنس ـ بفتح العين المهملة وسكون النون بعدها سين مهملة. قال الزمخشري كان الأسود المذكور كاهنا تنبأ باليمن واستولى على بلاده وأخرج عمال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن ، فأهلكه الله على يد فيروز الديلمي فقتله. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ليلة قتل. فسر المسلمون بذلك. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في آخر شهر ربيع الأول. قلت : وفي هذا الكلام من التخليط غير شيء فان قوله : استولى على بلاد اليمن وأخرج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ظاهره يقتضى أن لا يبقى منهم هناك أحد وليس الأمر كذلك ، بل بقي منهم على ما كان عليه جماعة منهم من المهاجرين ابن أبى أمية ومعه جميع السواحل. وكان باليمن أيضا معاذ بن جبل وغيره من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سواحل اليمن. وإنما استولى العنسي على صنعاء. وبعض البلاد الجبالية. وقد نقض الزمخشري كلامه بقوله : فانه صلى الله عليه وسلم كتب إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن. ولكن الجمع بين كلاميه : بأن مراده ، إخراج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين حاربهم فيكون المراد إخراج بعضهم لا جميعهم. وقوله : وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد ، أى صبيحة إخباره بقتل الأسود. وفيه نظر وسيأتى وجهه. وقوله : في آخر شهر ربيع الأول : ليس بصحيح فانه صلى الله عليه وسلم مات في أول شهر ربيع الأول. وقيل : في ثامنه. وقيل : في ثانى عشر. وسيأتى بيان الاختلاف في وقت المجيء برأس الأسود العنسي. وقصة الأسود العنسي قد أخرجها مطولة جميع من صنف في الردة كابن إسحاق والواقدي وسيف بن عمر. وسيمة بن الفرات. وأخرجها الحاكم في الإكليل والبيهقي في الدلائل ، قال الواقدي : اسم الأسود ذو الخمار. وقال غيره : اسمه عبهلة ولقبه ذو الخمار ، لأنه كان يلقى على وجهه قناعا ويهمهم. وكان له شيطانان أحدهما سحيق والآخر بشقيق ، قال الواقدي : وملك الأسود نجران وأقام بها ستة أشهر ثم خرج في ستمائة ممن تبعه إلى صنعاء فحاصر الأساورة منهم باذان. وفيروز ودادويه في آخرين. وكانوا أسلموا. وأرسلوا بإسلامهم فروة بن مسيك المرادي. فاقتتل الفريقان حتى غلب الأسود فقتل منهم طائفة. وخير طائفة بين أن يخرجوا من صنعاء إلى بلد آخر ويقيموا بها ويضرب عليهم الخراج ويصيروا عبيداً له. واصطفى الأسود المرزبانة امرأة باذان لنفسه. وكانت جميلة. وكان يشرب الخمر ويقع عليها ولا يغتسل ولا يصلى ، فكرهته المرزبانة وراسلت الأساورة وفيهم فيروز ، وواعدتهم البستان في الوقت الذي يسكر فيه الأسود. فدخل عليه فيروز ودادويه وقيس بن مكشوح وهو سكران. فقالت المرزبانة : ـ