تكرير هذه الكلمة ؛ فإن أشرف كلمة يذكرها الإنسان ، هي هذه الكلمة ، فإذا كان في أكثر أوقاته مشتغلا بذكرها ، كان مشتغلا بأعظم أنواع العبادات».
قوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه بدل من «هو».
الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر.
الثالث : أنه نعت ل «هو» ، وهذا إنما يتمشّى على مذهب الكسائي ؛ فإنه يرى وصف الضمير الغائب.
فصل
ذكر هاتين الصفتين إشارة إلى كمال العلم ؛ لأن الإلهية لا تحصل إلا معهما ؛ لأن كونه قائما بالقسط لا يتم إلا إذا كان عالما بمقادير الحاجات ، وكان قادرا على تحصيل المهمات ، وقد قدّم «العزيز» على «الحكيم» ؛ لأن العلم بكونه ـ تعالى ـ قادرا متقدم على العلم بكونه عالما في طريق المعرفة الاستدلالية ، فلما كان هذا الخطاب مع المستدلين ـ لا جرم ـ قدّم ذكر «العزيز» على «الحكيم».
قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)(١٩)
قرأ الكسائيّ بفتح الهمزة (١) ، والباقون بكسرها ، فأما قراءة الجماعة فعلى الاستئناف ، وهي مؤكّدة للجملة الأولى.
قال الزمخشريّ : «فإن قلت : ما فائدة هذا التوكيد؟ قلت : فائدته أن قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) توحيد ، وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) تعديل ، فإذا أردفه بقوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد ، وهو الدين عند الله ، وما عداه فليس في شيء من الدين عنده».
وأما قراءة الكسائي ففيها أوجه :
أحدها : أنها بدل من (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ـ على قراءة الجمهور ـ في أن (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فيها وجهان :
أحدهما : أنه من بدل الشيء من الشيء ، وذلك أن الدين ـ الذي هو الإسلام ـ يتضمن العدل ، والتوحيد ، وهو هو في المعنى.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٢٠٢ ، والكشف ١ / ٣٣٨ ، والحجة ٣ / ٢٢ ، وحجة القراءات ١٥٧ ، وإعراب القراءات ١ / ١٠٩ ، والعنوان ٧٨ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٥٠ ، وشرح شعلة ٣٠٩ ، وإتحاف ١ / ٤٧٢.