والثاني : أنه بدل اشتمال ؛ لأن الإسلام يشتمل على التوحيد والعدل.
والثاني : من الأوجه السابقة : أن يكون «إنّ الدّين» بدلا من قوله «بالقسط» ثم لك اعتباران :
أحدهما : أن تجعله بدلا من لفظه ، فيكون محل «إنّ الدّين» الجر.
والثاني : أن تجعله بدلا من موضعه ، فيكون محلها نصبا ، وهذا ـ الثاني ـ لا حاجة إليه ـ وإن كان أبو البقاء ذكره.
وإنما صحّ البدل في المعنى ؛ لأن الدين ـ الذي هو الإسلام ـ قسط وعدل ، فيكون ـ أيضا ـ من بدل الشيء من الشيء ـ وهما لعين واحدة ـ.
ويجوز أن يكون بدل اشتمال ؛ لأن الدين مشتمل على القسط ـ وهو العدل ـ وهذه التخاريج لأبي علي الفارسي ، وتبعه الزمخشريّ في بعضها.
قال أبو حيّان : «وهو ـ أبو علي ـ معتزليّ ، فلذلك يشتمل كلامه على لفظ المعتزلة من التوحيد والعدل ، وعلى البدل من أنه خرجه هو وغيره ، وليس بجيد ؛ لأنه يؤدي إلى تركيب بعيد أن يأتي في كلام العرب وهو : عرف زيد أنّه لا شجاع إلّا هو وبنو تميم وبنو دارم ملاقيا للحروب ، لا شجاع إلّا هو البطل الحامي ، إنّ الخصلة الحميدة هي البسالة ، وتقريب هذا المثال : ضرب زيد عائشة ، والعمران حنقا أختك ، فحنقا ، حال من «زيد» و «أختك» بدل من «عائشة» ففصل بين البدل والمبدل منه بالعطف ـ وهذا لا يجوز ـ والحال لغير المبدل منه ـ وهو لا يجوز ـ ؛ لأنه فصل بأجنبي بين البدل والمبدل منه».
قوله عرف زيد هو نظير (شَهِدَ اللهُ) ، وقوله : أنه لا شجاع إلا هو نظير (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وقوله : وبنو دارم نظير قوله : «والملائكة» وقوله : ملاقيا للحروب نظير قوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) وقوله : لا شجاع إلا هو نظير قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فجاء به مكرّرا ـ كما في الآية ـ وقوله : البطل الحامي نظير قوله (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وقوله : إن الخصلة الحميدة هي البسالة نظير قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ).
قال شهاب الدين : «ولا يظهر لي منع ذلك ولا عدم صحة تركيبه ، حتى يقول : ليس بجيّد ، وبعيد أن يأتي عن العرب مثله ، وما ادّعاه بقوله ـ في المثال الثاني ـ : إن فيه الفصل بأجنبيّ فيه نظر ؛ إذ هذه الجمل صارت كلّها كالجملة الواحدة ؛ لما اشتملت عليه من تقوية كلمات بعضها ببعض ، وأبو علي وأبو القاسم وغيرهما لم يكونوا في محل من يجهل صحة تركيب بعض الكلام وفساده».
ثم قال أبو حيّان : «قال الزمخشريّ : وقرئتا مفتوحتين على أن الثاني بدل من الأول ، كأنه قيل : شهد الله أن الدين عند الله الإسلام ، والمبدل هو المبدل منه في