التعليق ، ومن كسر فإنه نوى التعليق ، ولم تدخل اللام في الخبر ؛ لأنه منفي كما ذكرنا.
قال شهاب الدين (١) : وكان الشيخ ـ لما ذكر الفصل والاعتراض بين كلمات هذه الآية ـ قال ما نصه : «وأما قراءة ابن عباس فتخرج على أن (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) هو معمول «شهد» ويكون في الكلام اعتراضان :
أحدهما : بين المعطوف عليه والمعطوف وهو (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
والثاني بين المعطوف والحال وبين المفعول ل «شهد» ، وهو (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وإذا أعربنا (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبر مبتدأ محذوف كان ذلك ثلاثة اعتراضات ، انظر هذه التوجيهات البعيدة ، التي لا يقدر أحد على أن يأتي لها بنظير من كلام العرب ، وإنما حمل على ذلك العجمة ، وعدم الإمعان في تراكيب كلام العرب ، وحفظ أشعارها».
قال شهاب الدين (٢) : «ونسبة كلام أعلام الأئمة إلى العجمة ، وعدم معرفتهم بكلام العرب ، وحملهم كلام الله على ما لا يجوز ، وأن هذا ـ الذي ذكره ـ هو تخريج سهل واضح ، غير مقبول ولا مسلّم ، بل المتبادر إلى الذهن ما نقله الناس ، وتلك الاعتراضات بين أثناء تلك الآية الكريمة موجود نظيرها في كلام العرب ، وكيف يجهل الفارسي (٣) (٣) والزمخشريّ والفراء وأضرابهم ذلك؟ وكيف يتبجّح باطّلاعه على ما لم يطلع عليه مثل هؤلاء؟ وكيف يظن بالزمخشري أنه لا يعرف مواقع النظم ، وهو المسلّم له في علم المعاني والبيان والبديع ، ولا يشك أحد أنه لا بد لمن يتعرض إلى علم التفسير أن يعرف جملة صالحة من هذه العلوم».
قوله : (عِنْدَ اللهِ) ظرف ، العامل فيه لفظ «الدّين» ؛ لما تضمنه من معنى الفعل.
قال أبو البقاء : «ولا يكون حالا ؛ لأن «إنّ» لا تعمل في الحال».
قال شهاب الدين (٤) : قد جوز في «ليت» وفي «كأن» أن تعمل في الحال.
قالوا : لما تضمنته هذه الأحرف من معنى التمني والتشبيه ، ف «إن» للتأكيد ، فلتعمل في الحال ـ أيضا ـ فليست تتباعد عن «الهاء» التي للتنبيه.
قيل : هي أولى منها ، وذلك أنها عاملة ، و «هاء» ليست بعاملة ، فهي أقرب لشبه الفعل من هاء.
فصل
الدين ـ في أصل اللغة ـ عبارة عن الانقياد والطاعة والتسليم والمتابعة ، قال تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) [النساء : ٩٤] ، أي : لمن صار منقادا
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٤٨.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٤٩.
(٣) في ب : الناس.
(٣) في ب : الناس.
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٤٩.