وقدّر بعضهم الفعل ، فقال : كيف يصنعون؟ [فإن أراد «كان» التامة كانت في موضع نصب على الحال ، وإن أراد الناقصة كانت في موضع نصب على خبر «كان»](١) ، فكيف على ما تقدم من الوجهين.
ويجوز أن تكون «كيف» خبرا مقدما والمبتدأ محذوف ، تقديره : فكيف حالهم؟
قوله : (إِذا جَمَعْناهُمْ) «إذا» ظرف محض من غير تضمين شرط ، والعامل فيه العامل في «كيف» إن قلنا : إنها منصوبة بفعل مقدّر كما تقدم تقريره ـ وإن قلنا : إنها خبر لمبتدأ مضمر ، وهي منصوبة انتصاب الظروف كان العامل في «إذا» الاستقرار العامل في «كيف» ؛ لأنها كالظرف ، وإن قلنا : إنها اسم غير ظرف ، بل لمجرد السؤال كان العامل فيها نفس المبتدأ ـ الذي قدرناه ـ أي : كيف حالهم في وقت جمعهم؟
ويحذف الحال ـ كثيرا ـ مع «كيف» ، لدلالته عليها ، تقول : كنت أكرمه ـ ولم يزرني ـ فكيف لو زارني؟ أي : كيف حاله إذا زارني؟ وهذا الحذف يوجب مزيد البلاغة ، لما فيه من تحرّك النفي على استحضار كل نوع من أنواع الكرامة ، وكل نوع من أنواع العذاب ـ في هذه الآية ـ.
قوله : «ليوم» متعلق ب «جمعناهم» أي : لقضاء يوم ، أو لجزاء يوم.
فإن قيل : لم قال : «ليوم» ولم يقل : في «يوم».
فالجواب : ما ذكرناه من أنّ المراد : لجزاء يوم ، أو لحساب يوم ، فحذف المضاف ، ودلت اللام عليه قال الفرّاء : اللام لفعل مضمر ، فإذا قلت : جمعوا ليوم الخميس ، كان المعنى : جمعوا لفعل يوجد في يوم الخميس ، وإذا قلت : جمعوا في يوم الخميس لم تضمر فعلا.
وأيضا فمن المعلوم أن ذلك اليوم لا فائدة فيه إلا المجازاة.
وقال الكسائيّ : اللام بمعنى «في».
(لا رَيْبَ فِيهِ) صفة للظرف.
قوله : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) إن حملت «ما كسبت» على عمل العبد ، جعل في الكلام حذف ، والتقدير : ووفيت كلّ نفس جزاء ما كسبت من ثواب وعقاب ، وإن حملت «ما كسبت» على الثواب والعقاب استغنيت عن هذا الإضمار ، ثم قال : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فلا ينقص من ثواب حسناتهم ، ولا يزاد على عقاب سيئاتهم.
فصل
استدلوا بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة ـ من أصحاب الصلاة ـ لا يخلّد في
__________________
(١) سقط في أ.