قالوا : ومن يأبى؟ قال : «من أطاعني دخل الجنّة ، ومن عصاني فقد أبى» (١).
قال جابر بن عبد الله : «جاء الملائكة إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو نائم ـ فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العين نائمة ، والقلب يقظان ، فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلا ، فاضربوا له مثلا ، فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا ، وجعل فيها مأدبة ، وبعث داعيا ، فمن أجاب الداعي دخل الدار ، وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ، ولم يأكل من المأدبة ، فقالوا : أوّلوها له بفقهها ، فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ، قالوا : فالدار الجنة ، والداعي محمد صلىاللهعليهوسلم من أطاع محمدا فقد أطاع الله ، ومن عصى محمدا فقد عصى الله ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم فرق بين الناس» (٢).
روى الترمذي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من أراد أن يحبه الله فعليه بصدق الحديث ، وأداء الأمانة وأن لا يؤذي جاره» (٣) وروى مسلم ـ عن أبي هريرة ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إنّ الله إذا أحبّ عبدا دعا جبريل فقال : إنّي أحبّ فلانا ، فأحبه ، قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء ، فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السّماء ، قال : ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه ، قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ، قال فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض» (٤).
وقال : (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) ولم يقل : فإنه لا يحب ؛ لأن العرب إذا عظّمت الشيء أعادت ذكره ، أنشد سيبويه [قول الشاعر](٥) : [الخفيف]
١٤١١ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (٦) |
ويحتمل أن يكون لأجل أنه تقدم ذكر الله والرسول ، فذكره للتمييز ؛ لئلّا يعود الضمير على الأقرب.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٣٤)
لما بين ـ تعالى ـ أن محبته لا تتم إلا بمتابعة الرسول بين علو درجات الرّسل
__________________
(١) أخرجه البخاري (٩ / ١٦٦) كتاب الاعتصام باب الاقتداء بسنن ... (٧٢٨٠) وأحمد (٢ / ٣٦١) والحاكم (١ / ٥٥) والبغوي في «تفسيره» (١ / ٣٣٨) وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (١٠٢١٩).
(٢) أخرجه البخاري ١٣ / ٢٦٣ في الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٧٢٨١).
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٤ / ٤٠) وصدره بصيغة التمريض.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة ١٥٧ وأحمد (٢ / ٢٦٧ ، ٤١٣) والطيالسي (٢١٠٣) والبخاري في «الأدب المفرد» (١٤١) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٤٩٨).
(٥) سقط في أ.
(٦) تقدم.