واسم الفاعل وما جرى مجراه إذا وصف قبل معموله لا يجوز له ـ إذ ذاك ـ أن يعمل ، على خلاف لبعض الكوفيين في ذلك ؛ لأن اتصافه تعالى ب (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) لا يتقيد بذلك الوقت.
قال شهاب الدين : «وهذا القدر غير مانع ؛ لأنه يتّسع في الظرف وعديله ما لا يتّسع في غيره ، ولذلك تقدم على ما في خبر «أل» الموصولة وما في خبر «أن» المصدرية».
وأما كونه ـ تعالى ـ سميعا عليما لا يتقيد بذلك الوقت ، فإن سمعه لذلك الكلام مقيّد بوجود ذلك الكلام ، وعلمه ـ تعالى ـ بأنها تذكر مقيّد بذكرها لذلك ، والتغيّر في السمع والعلم ، إنما هو في النسب والتعلّقات.
الرابع : أن تكون «إذ» زائدة ، وهو قول أبي عبيدة ، والتقدير : قالت امرأة عمران ، وهذا غلط من النحويين ، قال الزّجّاج لم يصنع أبو عبيدة في هذا شيئا ؛ لأن إلغاء حرف من كتاب الله تعالى ـ من غير ضرورة لا يجوز ، وكان أبو عبيدة يضعّف في النحو.
الخامس : قال الأخفش والمبرّد : التقدير : «ألم تر إذ قالت امرأة عمران ، ومثله في كتاب الله كثير».
فصل
امرأة عمران هي حنّة بنت فاقوذا أم مريم ، وهي حنة ـ بالحاء المهملة والنون ـ وجدة عيسى ـ عليهالسلام ـ وليس باسم عربي.
قال القرطبيّ : «ولا يعرف في العربية «حنة» : اسم امرأة ـ وفي العرب أبو حنة البدريّ ، ويقال فيه أبو حبة ـ بالباء الموحّدة ـ وهو أصح ، واسمه عامر ، ودير حنة بالشام ، ودير آخر أيضا يقال له كذلك.
قال أبو نواس :
١٤١٤ ـ يا دير حنّة من ذات الأكيراح |
|
من يصح عنك فإنّي لست بالصّاحي (١) |
وفي العرب كثير ، منهم أبو حبة الأنصاريّ وأبو السنابل بن بعكك ـ المذكور في حديث سبيعة الأسلمية ، ولا يعرف «خنّة» ـ بالخاء المعجمة ـ إلا بنت يحيى بن أكثم ، وهي أم محمد بن نصر ، ولا يعرف «جنّة» ـ بالجيم ـ إلّا أبو جنة وهو خال ذي الرمة الشاعر ، نقل هذا كله ابن ماكولا».
وعمران بن ماثان ، وليس بعمران أبي موسى ، وبينهما ألف وثمانمائة سنة ، وكان بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم وملوكهم.
وقيل : عمران بن أشهم ، وكان زكريا قد تزوّج إيشاع بنت فاقوذ ، وهي أخت حنة
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه ص ٢٩٧ والبحر ٢ / ٤٥٥ ، والتاج ٢ / ٢١١.