لي من عندك. ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه في الأصل صفة ل «ذرّيّة» فلما قدّم عليها انتصب حالا.
وتقدم الكلام على «لدن» وأحكامها.
قال ابن الخطيب : «وقول زكريا : (هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً) لما لم تكن أسباب الولادة في حقه موجودة ، قال : (مِنْ لَدُنْكَ) أي بمحض قدرتك ، من غير شيء من هذه الأسباب».
فصل
الذرية : النسل ، وهو يقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى ، والمراد ـ هنا ـ ولد واحد ، وهو مثل قوله : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)».
قوله : (طَيِّبَةً) إن أريد ب «ذرّية» الجنس ، فيكون التأنيث في «طيّبة» باعتبار تأنيث الجماعة ، وإن أريد به ذكر واحد فالتأنيث باعتبار اللفظ.
قال الفراء : وأنّث «طيّبة» لتأنيث لفظ «الذرية» كما قال القائل في ذلك البيت : [الوافر]
١٤٢٩ ـ أبوك خليفة ولدته أخرى |
|
وأنت خليفة ذاك الكمال (١) |
وهذا فيما لم يقصد به واحد معين ، أما لو قصد به واحد معيّن امتنع اعتبار اللفظ نحو طلحة وحمزة ، فيجوز أن يقال : جاءت طلحة ؛ لأن أسماء الأعلام لا تفيد إلا ذلك الشخص ، فإذا كان مذكّرا لم يجز فيه إلا التذكير ، وقد جمع الشاعر بين التذكير والتأنيث في قوله : [الطويل]
١٤٣٠ ـ فما تزدري من حيّة جبليّة |
|
سكات إذا ما عضّ ليس بأدردا (٢) |
قوله : (سَمِيعُ الدُّعاءِ) مثال مبالغة ، محوّل من سامع ، وليس بمعنى مسمع ؛ لفساد المعنى ؛ لأن معناه إنك سامعه ، وقيل : مجيبه ، كقوله : (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) أي : فأجيبوني ، وكقول المصلي : سمع الله لمن حمده ، يريد قبل الله حمد من حمده من المؤمنين.
فصل
قال القرطبيّ : دلّت هذه الآية على طلب الولد ، وهي سنّة المرسلين والصّدّيقين.
__________________
(١) ينظر معاني القرآن ١ / ٢٠٨ واللسان (خلف) ومجمع البيان ٢ / ٧١ والتاج ٦ / ٩٩ والبحر ٢ / ٤٦٣ والدر المصون ٢ / ٨١.
(٢) ينظر الطبري ٦ / ٣٦٢ واللسان (سلت) والبحر ٢ / ٤٦٣ والمذكر المؤنث ١ / ٧٠ و ٦٠٢ والتاج ١ / ٥٥٣ ومعاني القرآن للفراء ١ / ٢٠٨ والدر المصون ٢ / ٨١.