وهو البخيل ـ أيضا ـ قال : [البسيط]
١٤٣٩ ـ ............ |
|
لا بالحصور ولا فيها بسئّار (١) |
وقد تقدم اشتقاق هذه المادة وهو مأخوذ من المنع ؛ وذلك لأن الحصور هو الذي لا يأتي النساء ـ إما لطبعه على ذلك ، وإما لمغالبته نفسه ـ قال ابن مسعود وابن عبّاس وسعيد بن جبير وقتادة وعطاء والحسن : الحصور : الذي لا يأتي النساء ولا يقربهنّ (٢) ، وهو ـ على هذا ـ بمعنى فاعل ، يعني أنه يحصر نفسه عن الشهوات.
قال سعيد بن المسيّب هو العنّين الذي لا ماء (٣) له ، فيكون بمعنى «مفعول» كأنه ممنوع من النساء.
واختيار المحققين أنه الذي لا يأتي النساء لا للعجز بل للعفة والزهد ـ مثل الشروب والظلوم والغشوم ـ والمنع إنما يحصل إذا كان المقتضي قائما ، والدفع إنما يحصل عند قوة الداعية والرغبة والغلمة. والكلام إنما خرج مخرج الثناء وأيضا فإنه أبعد من إلحاق الآفة بالأنبياء ـ والصفة التي ذكروها صفة نقص ، وذكر صفة النقصان في معرض المدح ، لا يجوز ، ولا يستحق به ثوابا ولا تعظيما.
فصل
احتجّ بعضهم ـ بهذه الآية ـ على أن ترك النكاح أفضل ؛ لأنه ـ تعالى ـ مدحه بترك النكاح ، فيكون تركه أفضل في تلك الشريعة ، فيجب أن يكون الأمر كذلك في شريعتنا ؛ للنص والمعقول أما النص فقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠].
__________________
ـ ينظر ديوانه (١٦٨) والمحتسب ٢ / ٢٤١ والمعاني الكبير ١ / ٤٦٤ ورغبة الآمل ٢ / ٤٩ وجمهرة أشعار العرب ص ٧٢٤ والتاج ٣ / ١٤٣ والكشاف ١ / ٣٦٠ ومجاز القرآن ١ / ٩٢ والدر المصون ٢ / ٨٥.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٧٧) والبيهقي (٧ / ٨٣) وابن المنذر كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٩) عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٩) عن عبد الله بن عباس.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٧٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» وعزاه لابن أبي شيبة وأحمد في «الزهد» عن سعيد بن جبير.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ـ ٣٧٩) عن قتادة وعطاء والحسن.
(٢) أخرجه ابن المنذر عن ابن مسعود كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٩) وأخرجه الطبري (٦ / ٣٧٩) عن الضحاك مثله.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ عبد الرزاق (١ ـ ٢٣٩) مرسلا وذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (١ / ٣٨٠) وعزاه للبيهقي وعبد الرزاق مرسلا والحديث ذكره القرطبي في «تفسيره» (٥ / ٣٩١) والمتقي الهندي في «كنز العمال» (٤٤٤٤٢).