في استفهامه أخر ذكر الكبر ، ليوافق رؤوس الآي ـ وهي باب مقصود في الفصاحة ـ والعطف بالواو لا يقتضي ترتيبا زمانيّا فلذلك لم يبال بتقديم ولا تأخير.
فصل
الغلام : الفتيّ السّنّ من الناس ـ وهو الذي بقل شاربه ـ وإطلاقه على الطفل وعلى الكهل مجاز ؛ أما الطفل فللتفاؤل بما يئول إليه ، وأما الكهل ، فباعتبار ما كان عليه.
قالت ليلى الأخيليّة : [الطويل]
١٤٤١ ـ شفاها من الدّاء العضال الّذي بها |
|
غلام إذا هزّ القناة سقاها (١) |
وقال بعضهم : ما دام الولد في بطن أمّه سمّي جنينا ، قال تعالى : (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) [النجم : ٣٢] سمي بذلك لاجتنانه في الرحم ، فإذا ولد سمّي صبيّا ، فإذا فطم سمي غلاما إلى سبع سنين ، ثم يسمّى يافعا إلى أن يبلغ عشر سنين ، ثم يطلق عليه حزوّر إلى خمس عشرة سنة ، ثم يصير قمرا إلى خمس وعشرين سنة ، ثم عنطنطا إلى ثلاثين.
قال الشاعر : [الطويل]
١٤٤٢ ـ وبالمخض حتّى صار جعدا عنطنطا |
|
إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه (٢) |
ثم حلحلا إلى أربعين ، ثم كهلا إلى خمسين ـ وقيل : إلى ستين ـ ثم شيخا إلى ثمانين ، وسيأتي له مزيد بيان إن شاء الله تعالى عند قوله : (فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) ثم هو راغم بعد ذلك.
واشتقاق «الغلام» من الغلمة والاغتلام ، وهو طلب النكاح ، لما كان مسببا عنه أخذ منه لفظه.
ويقال : اغتلم الفحل : أي : اشتدت شهوته إلى طلب النكاح ، واغتلم البحر ، أي : هاج وتلاطمت أمواجه ، مستعار منه.
وجمعه ـ في القلة ـ أغلمة ، وفي الكثرة : غلمان ، وقد جمع ـ شذوذا ـ على غلمة ، وهل هذه الصيغة جمع تكسير أو اسم جمع؟
قال الفراء : «يقال : غلام بيّن الغلومة والغلوميّة والغلامية ، قال : والعرب تجعل مصدر كل اسم ليس له فعل معروف على هذا المثال فيقولون : عبد بيّن العبودية والعباديّة ـ يعني لم تتكلم العرب من هذا بفعل ـ».
قال القرطبي : والغيلم : ذكر السلحفاة ، والغيلم : موضع.
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.