واختلفوا فيهم ، فقيل : هم سدنة (١) البيت ، وقيل : هم العلماء والأحبار وكتّاب الوحي.
قوله : (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) هذه الجملة منصوبة المحل ؛ لأنها معلقة لفعل محذوف ، ذلك الفعل في محل نصب على الحال ، تقديره : يلقون أقلامهم ينظرون ـ أو يعلمون ـ أيهم يكفل مريم.
وجوز الزمخشريّ : أن يقدّر ب «يقولون» فيكون محكيّا به ، ودل [على ذلك](٢) قوله ، يلقون.
وقوله : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) كقوله : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ).
فصل
اختلفوا في السبب ، الذي لأجله رغبوا في كفالتها ، حتى تنازعوا فيها :
قيل : لأن أباها عمران كان رئيسا لهم ، ومتقدّما فيهم ، فلأجل حقّ أبيها رغبوا في كفالتها.
وقيل : لأن أمّها حرّرتها لعبادة الله ـ تعالى ـ ولخدمة بيته ، فلأجل ذلك حرصوا على التكفّل بها. وقيل : لأنهم وجدوا أمرها وأمر عيسى مبيّنا في الكتب الإلهية ، فلهذا السبب اختصموا في كفالتها.
فصل
دلّت هذه الآية على إثبات القرعة ، وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة.
قال القرطبيّ : وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المستوين في الحجة ؛ ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم ، وترتفع الظّنّة عمن يتولى قسمتهم ، ولا يفضل أحد منهم على صاحبه (٣) ، وقد ورد الكتاب والسنة بالقرعة ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا معنى لها ، وزعموا أنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها.
قال أبو عبيد : «وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء : يونس وزكريا ومحمد صلّى الله
عليهم وسلّم».
قال ابن المنذر : «واستعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء».
فصل
قال القرطبيّ : دلّت هذه الآية على أن الخالة أحقّ بالحضانة من سائر القرابات ما
__________________
(١) في أ : خزنة.
(٢) في ب : عليه.
(٣) في أ : أحد.