على المعنى ؛ إذ المعنى المراد بها : الولد والمكوّن ، كما ذكّر الضمير في «اسمه».
فالحال الأولى جيء بها على الأصل ـ اسما صريحا ـ والباقية في تأويله. والثانية : جار ومجرور ، وأتى بها هكذا ؛ لوقوعها فاصلة في الكلام ، ولو جيء بها اسما صريحا ، لفات مناسبة الفواصل. والثالثة جملة فعليّة ، وعطف الفعل على الاسم ؛ لتأويله به ، وهو كقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ) [الملك : ١٩] ، أي : وقابضات ، ومثله في عطف الاسم على الفعل ؛ لأنه في تأويله ، قول النابغة : [الطويل]
١٤٦٦ ـ فألفيته يوما يبير عدوّه |
|
ومجر عطاء يستحقّ المعابرا (١) |
وقال الآخر : [الرجز]
١٤٦٧ ـ بات يغشّيها بعضب باتر |
|
يقصد في أسوقها وجائر (٢) |
والمعنى : مبيرا عدوه ، وقاصدا.
وجاء بالثالثة جملة فعلية ؛ لأنها في رتبتها ، إذ الحال وصف في المعنى ، وقد تقدم أنه إذا اجتمع صفات مختلفة في الصراحة والتأويل قدّم الاسم ، ثمّ الظرف ـ أو عديله ـ ثم الجملة. فكذا فعل هنا ، فقدم الاسم ـ وهو (وَجِيهاً ـ) ثم الجار والمجرور ، ثم الفعل ، وأتى به مضارعا ؛ لدلالته على التجدّد وقتا مؤقتا ، بخلاف الوجاهة ، فإنّ المراد ثبوتها واستقرارها ، والاسم متكفّل بذلك ، والجار قريب من المفرد ، فلذلك ثنّى به ، إذ المقصود ثبوت تقريبه.
والتضعيف في «المقرّبين» للتعدية ، لا للمبالغة ؛ لما تقدم من أن التضعيف للمبالغة لا يكسب الفعل مفعولا ، وهذا قد أكسبه مفعولا ـ كما ترى ـ بخلاف : قطّعت الأثواب ، فإنّ التعدي حاصل قبل ذلك.
وجيء بالرابعة ـ بقوله : (مِنَ الصَّالِحِينَ) مراعاة للفاصلة ، كما تقدم في «المقرّبين».
والمعنى : إنّ الله يبشّرك بهذه الكلمة موصوفة بهذه الصفات الجميلة.
ومنع أبو البقاء أن تكون أحوالا من «المسيح» أو من «عيسى» أو من «ابن مريم» قال : «لأنها أخبار ، والعامل فيها الابتداء ، أو المبتدأ ، أو هما ، وليس شيء من ذلك يعمل في الحال».
ومنع أيضا ـ كونها حالا من الهاء في «اسمه» قال : «للفصل الواقع بينهما ، ولعدم العامل في الحال».
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه ص ٧١ ، رصف المباني ص ٤١١ ، شرح ابن عقيل ص ٥٠٥ ، المقاصد النحوية ٤ / ١٧٦ والدر المصون ٢ / ٩٦.
(٢) ينظر الأشموني ٣ / ١٢٠ ومعاني الفراء ١ / ٢١٣ وابن الشجري ٢ / ١٦٧ والخزانة ٥ / ١٤٠ وشرح الكافية ١ / ٢٢٨ ومعاني الزجاج ١ / ٤١٧ والدر المصون ٢ / ٩٦.