وقال صاحب المجمل : «أكهل الرجل : وخطه الشّيب».
فصل
كلامه ـ عليهالسلام ـ في المهد هو قوله : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم : ٣٠ ـ ٣٣].
وحكي عن مجاهد قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت أنا وعيسى حدّثني وحدّثته ، فإذا شغلني عنه إنسان كان يسبّح في بطني وأنا أسمع.
فصل
ذكر القرطبيّ في تفسيره عن ابن أبي شيبة بسنده ، قال : «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، وصاحب يوسف ، وصاحب جريج». [وفي صحيح مسلم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج وصاحب الجبار» (١)](٢).
وقال الضّحّاك : «تكلم في المهد ستة شاهد يوسف ، وصبيّ ماشطة امرأة فرعون ، وعيسى ، ويحيى ، وصاحب جريج» (٣) ولم يذكر صاحب الأخدود ، فأسقط صاحب الأخدود ، وبه يكون المتكلمون سبعة.
قال القرطبيّ : «ولا معارضة بين هذا وبين قوله ـ عليهالسلام ـ : «لم يتكلّم في المهد إلّا ثلاثة» بالحصر ـ فإنه أخبر بما كان في علمه مما أوحي إليه في تلك الحال ، ثم بعد هذا أعلمه الله ـ تعالى ـ بما شاء من ذلك ، فأخبر به.
والمهد : ما يهيّأ للصّبيّ أن يربى فيه ، من مهّدت له المكان ـ أي : وطّأته وليّنته له ـ وفيه احتمالان : أحدهما يحتمل أن يكون أصله المصدر ، فسمّي به المكان ، ويحتمل أن يكون بنفسه اسم مكان غير مصدر. وقد قرىء : مهدا ومهادا في طه كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال ابن الخطيب [قوله : وكهلا يدل على أنه يكلم الناس بعد الكهولة ، وذلك بعد أن ينزل من السماء في آخر الزمان.
قال الحسين بن الفضل : في الآية نص على نزوله إلى الأرض وقد](٤) أنكرت النصارى كلام المسيح ـ عليهالسلام ـ في المهد ، واحتجوا ـ على صحة قولهم بأن كلامه من أعجب الأمور وأغربها ، ولا شك أن هذه الواقعة لو وقعت لوجب أن يكون وقوعها
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤ / ٣٢٠) كتاب الأنبياء : باب واذكر في الكتاب مريم (٣٤٣٦) ومسلم (٤ / ١٩٧٦) وأحمد (٢ / ٣٠١ ، ٣٠٧ ، ٣٠٨).
(٢) سقط في ب.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» «الجامع لأحكام القرآن» (٤ / ٥٩) عن الضحاك.
(٤) سقط في ب.