عطفه على «يبشّرك» أو على توجيهه مع حكمه عليه بأنه معطوف على «وجيها»؟ هذا ما لا يستقيم أبدا».
فصل في المراد ب «الكتاب»
المراد من «الكتاب» : تعليم الخط والكتابة ، ومن «الحكمة» تعليم العلوم ، وتهذيب الأخلاق : (وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) كتابان إلهيان ، وذلك هو الغاية العليا في العلم ؛ لأنه يحيط بالأسرار العقلية والشرعية ، ويطّلع على الحكم العلويّة والسّفليّة.
قوله : (وَرَسُولاً) فيه وجهان :
أحدهما : أنه صفة ـ بمعنى مرسل ـ على «فعول» كالصّبور والشّكور.
والثاني : أنه ـ في الأصل ـ مصدر ، ومن مجيء «رسول» مصدرا قوله : [الطويل]
١٤٦٩ ـ لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
يسرّ ولا أرسلتهم برسول (١) |
وقال آخر : [الوافر]
١٤٧٠ ـ ألا أبلغ أبا عمرو رسولا |
|
بأنّي عن فتاحتكم غنيّ (٢) |
أي أبلغه رسالة.
ومنه قوله تعالى : (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ على أحد التأويلين ـ أي : إنا ذوا رسالة ربّ العالمين. وعلى الوجهين يترتب الكلام في إعراب «رسولا» ، فعلى الأول يكون في نصبه ستة أوجه :
أحدها : أن يكون معطوفا على «يعلّمه» ـ إذا أعربناه حالا معطوفا على «وجيها» ـ إذ التقدير وجيها ومعلّما ومرسلا.
قاله الزمخشريّ وابن عطية.
وقال أبو حيّان : «وقد بيّنا ضعف إعراب من يقول : إن «ويعلّمه» معطوف على «وجيها» ؛ للفصل المفرط بين المتعاطفين [وهو مبني على إعراب «ويعلمه»](٣)».
الثاني : أن يكون نسقا على «كهلا» الذي هو حال من الضمير المستتر في «ويكلّم» ، أي : يكلم الناس طفلا وكهلا ومرسلا إلى بني إسرائيل ، وقد جوّز ذلك ابن عطية ، واستبعده أبو حيّان ؛ لطول الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه.
__________________
(١) تقدم برقم ٦٥١.
(٢) البيت للأسعر الجعفي ونسبه ابن دريد للأعشى وليس في ديوانه ينظر المفردات في غريب القرآن ص ٣٨٤ والجمهرة ٢ / ٤ واللسان (رسل) وزاد المسير ٣ / ٢٣٢ ومجاز القرآن ٢ / ٨٧.
(٣) سقط في ب.