قوله : (إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق بنفس «رسول» إذ فعله يتعدى ب «إلى».
والثاني : أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل «رسولا» فيكون منصوب المحلّ في قراءة الجمهور ، مجرورة في قراءة اليزيديّ.
فصل
هذه الآية تدل على أنه ـ عليهالسلام ـ كان رسولا إلى كل بني إسرائيل ، وقال بعض اليهود : إنه كان مبعوثا إلى قوم مخصوصين.
قيل : إنما كان رسولا بعد البلوغ ، وكان أول أنبياء بني إسرائيل يوسف وآخرهم عيسى ـ عليهماالسلام ـ وقال القرطبيّ : وفي حديث أبي ذر الطويل : «... وأول أنبياء بني إسرائيل موسى ، وآخرهم عيسى» (١).
قوله : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) قرأ العامّة (أَنِّي) بفتح الهمزة ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن موضعها جر ـ بعد إسقاط الخافض ـ ، إذ الأصل : بأني ، فيكون «بأنّي» متعلّقا ب «رسولا» وهذا مذهب الخليل والكسائي.
والثاني : أن موضعها نصب ، وفيه ثلاثة أوجه :
الأول : أنه نصب بعد إسقاط الخافض ـ وهو الباء ـ وهذا مذهب التلميذين : سيبويه والفرّاء.
الثاني : أنه منصوب بفعل مقدّر ، أي : يذكر ، فيذكر صفة ل «رسولا» حذفت الصفة ، بقي معمولها.
الثالث : أنه منصوب على البدل من «رسولا» ، أي : إذا جعلته مصدرا مفعولا به ، تقديره : ويسلمه الكتاب ويعلمه أني قد جئتكم.
وقرأ بعضهم بكسر الهمزة (٢) ، وفيها تأويلان :
أحدهما : أنها على إضمار القول ، أي قائلا : إني قد جئتكم ، فحذف القول ـ الذي هو حال في المعنى ، وأبقي معموله.
والثاني : أن «رسولا» بمعنى ناطق ، فهو مضمّن معنى القول ، وما كان مضمّنا معنى القول أعطي حكم القول. وهذا مذهب الكوفيين.
قوله : (بِآيَةٍ) يحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف ، على أنه حال من فاعل
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٤ / ٦٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٣٨ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٨٦ ، والدر المصون ٢ / ١٠٣.