وقال عكرمة : هو الأعمش (١).
وقال مجاهد : هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل (٢).
والبرص : داء معروف ، وهو بياض يعتري الإنسان ، ولم تكن العرب تنفر من شيء نفرتها منه ، ويقال : برص يبرص برصا ، أي : أصابه ذلك ، ويقال له : الوضح ، وفي الحديث : «وكان بها وضح». والوضّاح من ملوك العرب هابوا أن يقولوا له : الأبرص. ويقال للقمر : أبرص ؛ لشدة بياضه.
وقال الراغب «وللنكتة التي عليه» وليس بظاهر ، فإنّ النّكتة التي عليه سوداء ، والوزغ سامّ أبرص ، سمّي بذلك ؛ تشبيها بالبرص ، والبريص : الذي يلمع لمعان البرص ويقارب البصيص.
فصل
إنما خصّ هذين المرضين لأنهما أعيا الأطباء ، وكان الغالب في زمن عيسى ـ عليهالسلام ـ الطبّ ، فأراهم الله المعجزة من جنس ذلك.
قال وهب : ربّما اجتمع على عيسى عليهالسلام من المرضى ـ في اليوم الواحد ـ خمسون ألفا ، من أطاق منهم أن يبلغه بلغه ، ومن لم يطق مشى إليه عيسى ، وكان يداويهم بالدّعاء ـ على شرط الإيمان ـ ويحيي الموتى.
قال الكلبيّ : كان عيسى يحيي الموتى ب «يا حيّ يا قيّوم ، أحي عازر» وكان صديقا له ، ودعا سام بن نوح من قبره فخرج حيّا ، ومرّ على ابن عجوز ميت ، فدعا الله عيسى ، فنزل عن سريره حيّا ، ورجع إلى أهله وبقي وولد له ، وبنت العاشر أحياها ، وولدت بعد ذلك. وأما العازر فإنه كان توفّي قبل ذلك بأيام فدعا الله ، فقام ـ بإذن الله ـ وودكه يقطر ، وعاش ، وولد له. وأما ابن العجوز ، فإنه مر به محمولا على سريره ، فدعا الله ، فقام ، ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه إلى أهله ، وأما ابنة العاشر فكان أتى عليها ليلة ، فدعا الله ، فعاشت بعد ذلك ، وولد لها. فلما رأوا ذلك قالوا : إنك تحيي من كان موته قريبا ، ولعله لم يمت ، بل أصابتهم سكتة فأحي لنا سام بن نوح ، فقال : دلوني على قبره ، فخرجوا وخرج معهم ، حتى انتهى إلى قبره ، فدعا الله ، فخرج من قبره ، قد شاب رأسه ، فقال له عيسى : كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيب؟ فقال : يا روح الله ، إنك دعوتني ، فسمعت صوتا يقول : أجب روح الله ، فظننت أن القيامة قد قامت ، فمن هول
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٢٩) عن عكرمة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٥٧) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن الأنباري.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٢٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٥٧) وزاد نسبته لأبي عبيد والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في «كتاب الأضداد».