قاله ابن عطيّة ، وعلى هذا فالجملتان الأمريّتان اعتراض ـ أيضا ـ وفيه بعد.
قوله : (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) «هذا» إشارة إلى التوحيد المدلول عليه بقوله (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) أو إلى نفس (إِنَّ اللهَ) باعتبار هذا اللفظ هو الصراط المستقيم.
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤) إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ)(٥٨)
الإحساس : الإدراك ببعض الحواسّ الخمس وهي الذوق والشمّ واللمس والسمع والبصر ـ يقال : أحسست بالشيء وبالشيء وحسسته وحسست به ، ويقال : حسيت ـ بإبدال سينه الثانية ياء ـ وأحست بحذف أول سينيه ـ.
قال الشاعر : [الوافر]
١٤٨٦ ـ سوى أنّ العتاق من المطايا |
|
أحسن به فهنّ إليه شوس (١) |
قال سيبويه : ومما شذّ من المضاعف ـ يعني في الحذف ـ فشبيه بباب أقمت ، وليس وذلك قولهم أحست وأحسن ـ يريدون : أحسست وأحسسن ، وكذلك تفعل به في كل بناء يبنى الفعل فيه ولا تصل إليه الحركة ، فإذا قلت : لم أحس ، لم تحذف.
وقيل : الإحساس : الوجود والرؤية ، يقال : هل أحسست صاحبك ـ أي : وجدته ، أو رأيته؟
قال أبو العباس المقرىء : ورد لفظ «الحسّ» في القرآن على أربعة أضرب :
الأول : بمعنى الرؤية ، قال تعالى : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) [آل عمران : ٥٢] وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا) أي رأوه. وقوله : (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) [مريم : ٩٨] أي : هل ترى منهم؟
الثاني : بمعنى القتل ، قال تعالى : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [آل عمران : ١٥٢] أي :
__________________
(١) البيت لأبي زبيد الطائي. ينظر ديوانه ص ٩٦ وسمط اللآلىء ص ٤٣٨ واللسان (حسس) والمحتسب ١ / ١٢٣ والمنصف ٣ / ٨٤ والإنصاف ١ / ٢٧٣ والخصائص ٢ / ٤٣٨ وشرح المفصل ١٠ / ١٥٤ ومجالس ثعلب ٢ / ٤٨٦ والمقتضب ١ / ٢٤٥ والدر المصون ١ / ١١٢.