قدره الفارسي.
وقيل : ضمّن أنصاري معنى الإضافة ، أي : من يضيف نفسه إلى الله في نصرتي ، فيكون «إلى الله» متعلقا بنفس «أنصاري».
وقيل : متعلق بمحذوف على أنه حال من الياء في «أنصاري» أي : من أنصاري ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه ، قاله الزمخشريّ.
وقيل : التقدير : من أنصاري إلى أن أبيّن أمر الله ، وإلى أن أظهر دينه ، ويكون «إلى» هاهنا غاية ؛ كأنه أراد : من يثبت على نصرتي إلى أن تتم دعوتي ، ويظهر أمر الله؟
وقيل : المعنى : من أنصاري فيما يكون قربة إلى الله ووسيلة إليه؟
وفي الحديث : أنه ـ عليهالسلام ـ كان يقول ـ إذا ضحّى ـ : «اللهمّ منك وإليك» (١) أي تقرّبنا إليك.
وقيل : «إلى» بمعنى : «في» تقديره : من أنصاري في سبيل الله؟ قاله الحسن.
فصل
والحواريون ، جمع حواري ، وهو النّاصر ، وهو مصروف ـ وإن ماثل «مفاعل» ؛ لأن ياء النسب فيه عارضة ومثله حواليّ ـ وهو المحتال ـ وهذا بخلاف : قماريّ وبخاتيّ ، فإنهما ممنوعان من الصرف ، والفرق أن الياء في حواريّ وحواليّ ـ عارضة ، بخلافها في قماري وبخاتيّ فإنها موجودة ـ قبل جمعهما ـ في قولك قمريّ وبختيّ. والحواريّ : الناصر ـ كما تقدم ـ ويسمّى كل من تبع نبيا ونصره : حواريا ؛ تسمية له باسم أولئك ؛ تشبيها بهم ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوسلم في الزبير : «ابن عمتي وحواريّ أمتي» وفيه أيضا ـ «إنّ لكل نبي حواريّا وحواريي الزّبير» (٢) ، وقال معمر قال قتادة : إن الحواريّين كلهم من قريش : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وحمزة ، وجعفر ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقّاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام (٣) ـ رضي الله عنهم أجمعين. وقيل : الحواريّ : هو صفوة الرجل وخالصته واشتقاقه من جرت الثوب ، أي : أخلصت بياضه بالغسل ، ومنه سمّي القصّار
__________________
(١) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١ / ٤٦٧) وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ١٧٨).
وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير باب فضل الطليعة رقم (٢٨٤٦) ، كتاب الجهاد والسير باب سير الرجل وحده بالليل رقم (٢٩٩٧) كتاب المناقب باب مناقب الزبير رقم (٣٧١٩) ، وكتاب المغازي باب غزوة الخندق رقم (٤١١٣) والترمذي (٣٧٤٤) وأحمد (٣ / ٣١٤) وأبو نعيم في «الحلية» (٤ / ١٨٦) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٣ / ٤٣١) عن جابر بن عبد الله.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٦٣) وزاد نسبته لابن المنذر.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» ١ / ٣٠٦.