الأول : أن ذلك إخبار عن الغيب ، فيكون معجزا ؛ لأنها كانت مخفيّة فيما بينهم ، وما أطلعوا عليه أحدا من الأجانب.
الثاني : أنه ـ تعالى ـ لما أطلع المؤمنين على هذه الحيلة لم يبق لها أثر في قلوب المؤمنين ، ولو لا هذا الإعلام لكان ربّما أثّرت في قلوب بعض [المؤمنين الذين](١) في إيمانهم ضعف.
الثالث : [أن القوم](٢) لما افتضحوا في هذه الحيلة صار ذلك رادعا لهم عن الإقدام على أمثالها من الحيل والتلبيس.
قوله تعالى : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(٧٤)
اللام في «لمن» فيها وجهان :
أحدهما : أنها زائدة مؤكّدة ، كهي في قوله تعالى : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢] أي : ردفكم وقول الآخر : [الوافر]
١٥١١ ـ فلمّا أن تواقفنا قليلا |
|
أنخنا للكلاكل فارتمينا (٣) |
وقول الآخر : [الكامل]
١٥١٢ ـ ما كنت أخدع للخليل بخلّة |
|
حتّى يكون لي الخليل خدوعا (٤) |
وقول الآخر : [الطويل]
١٥١٣ ـ يذمّون للدّنيا وهم يحلبونها |
|
أفاويق حتّى ما يدرّ لها فضل (٥) |
أي : أنخنا الكلاكل ، وأخدع الخليل ، ويذمون الدنيا ، ويروى : يذمون بالدنيا ، بالباء.
قال شهاب الدين (٦) : وأظن البيت : يذمون لي الدنيا ـ فاشتبه اللفظ على السامع ـ
__________________
(١) في أ : من كان.
(٢) في أ : أنهم.
(٣) البيت لعبد الشارق بن عبد العزى ، وقيل : لسلمة بن الحجاج ينظر المقرب ١ / ١١٥ ورصف المباني ١١٦ وضرائر الشعر ص ٦٧ وشرح الجمل ١ / ٣٠٨ و ٥١٤ وديوان الحماسة ١ / ٤٤٧ والدر المصون ٢ / ١٣٥.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٥١٨ ، والدر المصون ٢ / ١٣٥.
(٥) البيت لعبد الله بن همام السلولي ينظر إصلاح المنطق ٢١٣ والكامل ١ / ٥٥ ورغبة الآمل ٦ / ٥٢ وتاج العروس ٧ / ٥٤ وزاد المسير ١ / ٤٠٧ واللسان (فوق) والدر المصون ٢ / ١٣٥.
(٦) ينظر : الدر المصون ٢ / ١٣٥.