قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٨٢)
العامل في «إذ» وجوه :
أحدها : «اذكر» إن كان الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم.
الثاني : «اذكروا» إن كان الخطاب لأهل الكتاب.
الثالث : اصطفى ، فيكون معطوفا على «إذ» المتقدمة قبلها ، وفيه بعد ؛ بل امتناع ؛ لبعده.
الرابع : أن العامل فيه «قال» في قوله : (قالَ أَأَقْرَرْتُمْ) وهو واضح.
وميثاق ، يجوز أن يكون مضافا لفاعله ، أو لمفعوله ، وفي مصحف أبيّ وعبد الله وقراءتهما (١) : (مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)، كما في آخر السورة [الآية : ١٨٧]. وعن مجاهد كذلك ، وقال : أخطأ الكاتب.
قال شهاب الدين : «وهذا خطأ من قائله ـ كائنا من كان ـ ولا أظنه عن مجاهد ؛ فإنه قرأ عليه مثل ابن كثير وأبي عمرو بن العلاء ، ولم ينقل عنه واحد منهما شيئا من ذلك».
والمعنى على القراءة الشهيرة صحيح ، وقد ذكروا فيها أوجها :
أحدها : أن الكلام على ظاهره ، وأن الله تعالى ـ أخذ على الأنبياء مواثيق أنهم يصدّقون بعضهم بعضا وينصر بعضهم بعضا ، بمعنى : أنه يوصي قومه أن ينصروا ذلك النبي الذي يأتي بعده ، ولا يخذلوه وهذا قول سعيد بن جبير والحسن وطاووس (٢).
وقيل هذا الميثاق مختص بمحمد صلىاللهعليهوسلم وهذا مرويّ عن عليّ وابن عباس وقتادة والسدي (٣) ، واحتج القائلون بهذا بقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) [آل عمران : ٨١] وهذا يدل على أن الآخذ [هو الله ـ تعالى ـ والمأخوذ منهم هم النبيون ، وليس في الآية ذكر الأمة ، فلم يحسن صرف الميثاق إلى الأمة](٤).
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٦٤ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٣٢ ، والدر المصون ٢ / ١٥١.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥٥) عن ابن عباس وطاووس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٨٤) عن ابن عباس وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره أيضا عن طاووس (٢ / ٨٤) وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥٥) عن علي بن أبي طالب وقتادة والسدي. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٨٤) عن قتادة وزاد نسبته لعبد بن حميد.
وذكره أيضا عن السدي (٢ / ٨٤) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٤) سقط في أ.