والعير : الحمار ، يعنون جاء مستحيا. ويقال : عاج بالمكان ، وعوّج به ـ أي : أقام وقطن ، وفي حديث إسماعيل ـ على نبينا وعليهالسلام ـ : «ها أنتم عائجون» أي مقيمون.
وأنشدوا للفرزدق : [الوافر]
١٥٤٩ ـ هل أنتم عائجون بنا لعنّا |
|
نرى العرصات أو أثر الخيام؟ (١) |
كذا أنشد هذا البيت الهرويّ ، مستشهدا به على الإقامة ـ وليس بظاهر ـ بل المراد ب «عائجون» في البيت : سائلون وملتفتون.
وفي الحديث : «ثم عاج رأسه إليها» أي : التفت إليها.
والرجل الأعوج : السيّىء الخلق ، وهو بيّن العوج. والعوج من الخيل التي في رجلها تجنيب. والأعوج من الخيل منسوبة إلى فرس كان في الجاهلية سابقا ، ويقال : فرس مجنّب إذا كان بعيد ما بين الساقين غير فحج ، وهو مدح ويقال : الحنبة : اعوجاج.
قوله : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) حال ، إما من فاعل «تصدّون» ، وإما من فاعل «تبغونها» ، وإما مستأنف وليس بظاهر و «شهداء» جمع شهيد أو شاهد كما تقدم.
فصل
ومعنى الآية أنهم يقصدون الزيغ والتحريف لسبيله بالشّبه التي يوردونها على الضّعفة كقولهم : النسخ يدل على البداء ، وقولهم : إن في التوراة : أن شريعة موسى باقية إلى الأبد.
وقيل كانوا يدّعون أنهم على دين الله وسبيله ، وهذا على أنّ «عوجا» في موضع الحال والمعنى : يبغونها ضالين.
قوله : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) قال ابن عباس : أي : شهداء أن في التوراة : أن دين الله الذي لا يقبل غيره هو الإسلام (٢). وقيل : وأنتم تشهدون ظهور المعجزات على نبوته صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : وأنتم تشهدون أنه لا يجوز الصّدّ عن سبيل الله.
وقيل : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) عدول بين أهل دينكم ، يثقون بأقوالكم ، ويعوّلون على
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه ٢ / ٢٩٠ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٢٢ ، ولسان العرب (لعن) وشرح شواهد الشافية ص ٤٦ ، وسمط اللآلىء ص ٧٥٨ ، واللامات ص ١٣٦ ، ولجرير في ملحق ديوانه ص ١٠٣٩ ، ولسان العرب (أنن) ، والإنصاف ١ / ٥٥ ، وجواهر الأدب ص ٤٠٢ وخزانة الأدب ١٠ / ٤٢٢ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٢. والدر المصون ٢ / ١٧٥.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٥٧) عن قتادة بمعناه وذكره الرازي في «التفسير الكبير» (١٣٨) عن ابن عباس.