قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(١٠٧)
في ناصب «يوم» أوجه :
أحدها : أنه الاستقرار الذي تضمنه «لهم» والتقدير : وأولئك استقر لهم عذاب يوم تبيضّ وجوه.
وقيل : إن العامل فيه مضمر ، تدل عليه الجملة السابقة ، والتقدير : يعذّبون يوم تبيضّ وجوه.
وقيل : إن العامل فيه «عظيم» وضعّف هذا بأنه يلزم تقييد عظمه بهذا اليوم.
وهذا التضعيف ضعيف ؛ لأنه إذا عظم في هذا اليوم ففي غيره أولى.
قال شهاب الدين (١) : «وهذا غير لازم» ، قال : «وأيضا فإنه مسكوت عنه فيما عدا هذا اليوم».
وقيل : إن العامل «عذاب». وهذا ممتنع ؛ لأن المصدر الموصوف لا يعمل بعد وصفه.
وقيل : إنه منصوب بإضمار «اذكر».
وقرأ يحيى بن وثاب ، وأبو نهيك ، وأبو رزين العقيليّ : «تبيضّ» و «تسودّ» ـ بكسر التاء (٢) ـ وهي لغة تميم.
وقرأ الحسن والزهري وابن محيصن ، وأبو الجوزاء : تبياضّ وتسوادّ ـ بألف فيهما (٣) ـ وهي أبلغ ؛ فإن البياض أدلّ على اتصاف الشيء بالبياض من ابيضّ ، ويجوز كسر حرف المضارعة ـ أيضا ـ مع الألف ، إلا أنه لم ينقل قراءة لأحد.
فصل
نظير هذه الآية قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦] ، وقوله : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) [يونس : ٢٦] ، وقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٥] ، وإذا عرفت هذا ، ففي هذا البياض والسواد وجهان :
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ١٨١.
(٢) انظر : الشواذ ٢٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٨٦٧ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٥ ، والدر المصون ٢ / ١٨١.
(٣) انظر : السابق.