ويجوز أن يكون حالا من «أمّة» ؛ لتخصّصها بالنعت.
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «قائمة» ، وعلى كونها حالا من «أمّة» يكون العامل فيها الاستقرار الذي تضمنه الجار.
ويجوز أن يكون حالا من الضمير المستكن في هذا الجار ، لوقوعه خبرا ل «أمّة».
فصل
قال جمهور العلماء : المراد بأهل الكتاب : من آمن بموسى وعيسى عليهماالسلام.
روى ابن عباس ، ومقاتل : أنه لما أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه ، قال أحبار اليهود : ما آمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم إلا شرارنا ، ولو لا ذلك ما تركوا دين آبائهم ، لقد كفروا ، وخسروا ، فأنزل الله هذه الآية ؛ لبيان فضلهم (١).
وقيل : لما وصف أهل الكتاب ـ في الآيات المتقدمة ـ بالصفات المذمومة ، ذكر ـ في هذه الآية ـ أن كل أهل الكتاب ليسوا كذلك ، بل فيهم من يكون موصوفا بالصفات المحمودة المرضية.
قال الثوريّ : بلغني أنها نزلت في قوم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء (٢).
وعن عطاء ، أنها نزلت في أربعين رجلا من أهل نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثلاثة من الروم ، كانوا على دين عيسى ، وصدقوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وكان من الأنصار فيهم عدة ـ قبل قدوم النبي صلىاللهعليهوسلم ، منهم أسعد بن زرارة ، والبراء بن معرور ، ومحمد بن مسلمة ، وأبو قيس صرمة بن أنس ، كانوا موحّدين ، يغتسلون من الجنابة ، ويقومون بما عرفوا من شرائع الحنيفية ، حتى بعث الله لهم النبي صلىاللهعليهوسلم فصدّقوه ، ونصروه (٣).
وقال آخرون : المراد بأهل الكتاب : كل من أوتي الكتاب من أهل الأديان ـ والمسلمون من جملتهم ـ قال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) [فاطر : ٣٢] ، ويؤيّد هذا ما روى ابن مسعود : أن النبي صلىاللهعليهوسلم أخّر صلاة العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة ، فقال : «أما إنه ليس أحد من أهل الأديان يذكر الله ـ تعالى ـ هذه السّاعة غيركم» وقرأ هذه الآية (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٢٠ ـ ١٢١) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٢ / ٥٣٤) والطبراني في «الكبير» كما في «مجمع الزوائد» (٦ / ٣٣٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١١٥) وزاد نسبته لابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس.
والأثر ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦ / ٣٣٠) وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(٢) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (٨ / ١٦٤) عن سفيان الثوري.
(٣) انظر المصدر السابق.
(٤) أخرجه أحمد (١ / ٣٩٦) والبزار (٣٧٥) وأبو يعلى (٩ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧) رقم (٥٣٠٦) والطبري في ـ