واضطرابا ، يقال منه : خبله وخبّله ـ بالتخفيف والتشديد ، فهو خابل ، ومخبّل ، ومخبول ، والمخبل : الناقص العقل ، قال تعالى : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) [التوبة : ٤٧] ، ويقال : خبل ، وخبل ، وخبال وفي الحديث : «من شرب الخمر ثلاثا كان حقّا على الله أن يسقيه من طينة الخبال» (١).
وقال زهير بن أبي سلمى : [الطويل]
١٥٨٧ ـ هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا |
|
وإن يسألوا يعطوا ، وإن ييسروا يغلوا (٢) |
والمعنى في هذا البيت : أنهم إذا طلب منهم إفساد شيء من إبلهم أفسدوه ، وهذا كناية عن كرمهم.
فصل
قال ابن عبّاس : كان رجال من المسلمين يواصلون اليهود ؛ لما بينهم من القرابة ، والصداقة ، والحلف ، والجوار ، والرضاع ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ينهاهم فيها عن مباطنتهم (٣).
قال مجاهد : نزلت في قوم من المؤمنين ، كانوا يواصلون المنافقين ، فنهاهم الله عن
__________________
(١) أخرج مسلم ٣ / ١٥٨٧ في الأشربة ، باب بيان أن كل مسكر خمر ... (٧٢ ـ ٢٠٠٢) ، والنسائي ٨ / ٣٢٧ في الأشربة ، باب ذكر ما أعد الله عزوجل لشارب المسكر ... (٥٧٠٩) عن جابر أن رجلا قدم من جيشان (وجيشان من اليمن) فسأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر؟
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أو مسكر هو؟ قال : نعم. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم كل مسكر حرام ، إن على الله عزوجل عهدا لمن يشرب المسكر ، أن يسقيه من طينة الخبال قال : يا رسول الله ، وما طينة الخبال؟ قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار.
وأخرج النسائي ٨ / ٣١٧ في الأشربة ، باب توبة شارب الخمر (٥٦٧) ، وابن ماجه ٢ / ١١٢٠ في الأشربة ، باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة (٣٣٧٧) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه «من شرب الخمر وسكر ، لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، وإن مات دخل النار. فإن تاب تاب الله عليه ، وإن عاد فشرب فسكر ، لم تقبل له صلاة أربعين صباحا. فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه. وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن تاب تاب الله عليه ، وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة. قالوا : يا رسول الله ، وما ردغة الخبال؟ قال عصارة أهل النار».
وفي الباب عن ابن عباس بنحوه عند أبي داود ٢ / ٣٥٢ في الأشربة ، باب النهي عن المسكر(٣٦٨٠).
وفي الباب عن عبد الله بن عمر بن الخطاب عند الترمذي ٤ / ٢٥٧ في الأشربة ، باب ما جاء في شارب الخمر (١٨٦٢).
وقال : هذا حديث حسن ، وقد روي نحو هذا عن عبد الله بن عمرو وابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٤١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١١٨) وزاد نسبته لابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس والأثر في «سيرة ابن هشام» (٢ / ٢٠٧).